آخر تحديث :Wed-08 May 2024-03:50PM
جامعة عدن

ارشيف الاخبار

رئيس جامعة عدن يطلع على أثار الصهاريج ويعلن تنظيم احتفائية فيها

2011-01-02

موقع جامعة عدن الإلكتروني

قام الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن اليوم بزيارة إلى صهاريج عدن بمنطقة الطويلة بمديرية كريتر للتعرف على الإمكانيات المتاحة لتنظيم احتفائية علمية وثقافية وفنية على هامش فعاليات ندوة "عدن بوابة اليمن الحضارية" وذلك  في أقدم أثر تاريخي حي بمدينة عدن (صهاريج عدن).

 

وطاف الأخ/رئيس الجامعة بأرجاء الصهاريج برفقة الأستاذ/خالد رباطي مدير عام الصهاريج الذي قدم شرحا وافيا عن تاريخ الصهاريج ودوره الحيوي في حماية المدينة من أمطار السيول الجارفة المتدفقة من هضبة جبل العُر (شمسان)، وتوفير المياه لسكان المدينة في حقب تاريخية مختلفة، وفي تغذية الأحواض الجوفية لها.

 

 

وقد أبدى الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور إعجابه الشديد بالصهاريج الذي يعد معلم أثري وحيوي مهم لمدينة عدن ولكل اليمن، ويروي على الواقع جانب رائع من قصة حضارة اليمن وشعبها الذي أسهم بدور لايستهان به في التاريخ الحضاري للبشرية.

 

 

 كما أعرب عن تقديره للجهود التي تبذل من قبل المسئولين في الصهاريج للحفاظ على هذا الموقع الأثري من العابثين والاستمرار بتقديم الخدمات السياحية لكل الزائرين التواقين للتعرف على الشواهد الحضارية لتاريخ اليمن، وتقدم اليمنيين في هندسة الري والبناء والتخطيط العمراني.

  

وتعرف عن قرب على عبقرية الإنسان اليمني الذي استخدم مادة البومس في البناء التي تفوق مادة الاسمنت في البقاء والصلابة، كما اطلع على بعض القطع الأثرية والكتابات المحفورة على الصخور الموجودة في الصهاريج..، معبراً عن أملة أن يولي الباحثين والمختصين اهتماماً أوسع في دراساتهم وأبحاثهم العلمية لما يختزله الصهاريج من أثار لاتقدر بثمن.

عقب ذلك تم تحديد الموقع الذي سيجري فيه تنظيم الاحتفائية الثقافية والفنية والتكريمية التي ستقام على هامش فعاليات الندوة العلمية عن "عدن بوابة اليمن الحضارية" التي ستعقد خلال المدة 18 – 19 يناير2011م، برعاية فخامة الرئيس/علي عبدالله صالح، وتنظمها جامعة عدن.

رافق الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور، الدكتور/مازن أحمد شمسان الذبحاني نائب عميد كلية الأداب، والدكتور/أحمد حنشور مدير إدارة المعلومات، والأخت/أحلام مدهش مديرة عام المكتبةالمركزية، والأخ/نصر مبارك باغريب مدير عام الإعلام بالجامعة ، والأخ/وهيب مهدي عزيبان نائب مدير عام مطبعة الجامعة.

  الجدير بالذكر أن صهاريج الطويلة تقع بوادي الطويلة بكريتر، وهي واقعة أسفل مصبات هضبة عَدَن المرتفعة حوالي (800 قدم) ، وتأخذ الهضبة شكلاً شبه دائري ويقع المصب عند رأس وادي الطويلة.

وتصل الصهاريج بعضها ببعض بشكل سلسلة، وهي مشيدة في مضيق يبلغ طوله سبعمائة وخمسون قدماً تقريباً، ويحيط بها جبل العُر (شمسان) بشكل دائري باستثناء منفذ يؤدي ويتصل بمدينة كريتر، وتقوم الصهاريج بحجز المياه المنحدرة من الهضبة من خلال شبكات المصارف والسدود والقنوات التي استحدثت بهدف تنقية المياه من الشوائب والأحجار.

وتختلف المصادر التاريخية حول تاريخ بناء الصهاريج، ولم يجد الدارسون الأثريون أي سند أو نقش يتعلق بتاريخ بنائها،  وأغلب الظن أن بناءها مر بمراحل تاريخية متعددة.

ولعل ما يلفت النظر وجود لوحة مثبتة على جدار بالقرب من صهريج (كوجلان) مكتوب عليها   (هذه الخزانات في وادي الطويلة مجهول تاريخها)

ويعلق الأستاذ عبد الله أحمد محيرز على ذلك بالقول: "ليس من الضروري البحث عن تاريخ لمثل هذه الصهاريج فوجودها ضروري في أي زمان ومكان خاصة في مدينة كعَدَن شحت آبارها، وتعرض أهلها بحكم موقعها لخطر الموت عطشاً إن هي حوصرت لزمن طويل بل لابد أن وجودها لخزن المياه - وتقوم الصهاريج بتلقف المياه وحفظها وخزنها ثم تصريفها لاكتمالها - ؛ وبذلك تكون آلية عمل الصهاريج وفقاً لهذا المفهوم المتعارف عليه كمصطلح بحسب ورودها في كتب المؤرخين، وكما وصفها الرحالة العرب في مشاهداتهم المدونة في كتبهم والتي صنفت فيما بعد بما يسمى أدب الرحلات:

وقد ورد ذكر الصهاريج في نقش قديم محفوظ بمتحف اللوفر في باريس بالرم، (1H 50-1) 4 ينص على التالي (قيلزد قد قدمت مسنداً للإله ذات بعدان تكفيراً عن خطيئة ابنتها بتدنيسها صهريج عَدَن)، ولم يحدد في النقش الفترة الزمنية التي يتحدث عنها ـ.

وعند الرحالة والجغرافي العربي الإسلامي المقدسي صاحب ( أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ) في القرن الرابع الهجري / العاشر ميلادي / عند حديثه عن عَدَن يقول في ص 85 ولهم آبار مالحة وحياض عدة) مما يفسر وجود أحواض تستخدم، بدائياً كان أو متطوراً قد عاصر البشرية منذ استيطانها المدينة).

وعند ابن المجاور صاحب كتاب تاريخ المستبصر في بداية القرن السابع الهجري / الثالث عشر ميلادي، زار ابن المجاور عَدَن ودون في كتابه المشار إليه ص 132 و بقوله: آبار ماؤها بحر عَدَن (... والصهريج عمارة الفرس عند بئر زعفران، والثاني عمارة بني زريع على طريق الزعفران أيمن الدرب في لحف الجبل الأحمر ...).

ونستدل مما سبق أن كلمة صهريج - صريحة - وردت أول ما وردت في الكتب والمصادر التاريخية عند ابن المجاور حيث لم ترد صراحة عند من سبقوه بحوالي ثلاثة قرون (المقدسي) . وكلمة (صهريج) لفظة مستعربة من اللغة الفارسية كما ورد في معجم (المنجد في اللغة والأعلام وتعني : حوض الماء).

أما ابن بطوطة الذي زار عَدَن في حوالي (730هـ / 1329م)، فقد أكد وجود الصهاريج حيث أشار في كتابه (تحفة النظار) ص 168L وبها صهاريج يجتمع فيها الماء أيام المطر ...).

ويقول ابن الديبع المؤرخ لعهد الرسوليين والطاهريين، حيث يورد في كتابه (الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار زبيد) في ص 232:(وامتلأت الصهاريج كلها حتى تفجرت وزاد الماء زيادة عظيمة حتى سال إلى البحر) وذلك في إشارة  إلى حوادث عام (916هـ / 1510م) عندما نزل مطر عظيم شديد في عَدَن. كما ترد كلمة صهاريج في نفس المصدر ص 290 عند حديثه عن منجزات السلطان عامر بن عبد الوهاب الطاهري أعظم سلاطين الطاهريين حيث يقول (مسجد بداخل مدينة عدن وآخر بالمباه بظاهر باب البر منها، وصهريج عظيم بها لم يسبق إلى مثله)، وهذا الصهريج الموجود في المياه والذي يقع خارج نطاق صهاريج الطويلة وقد أشار إليه بليفير الإنجليزي.

ومنذ القرن العاشر هجري لم ترد إلا لماما في كتابات بعض الكتاب الغربيين من برتغاليين وإنجليز. ومع احتلال الإنجليزي لعَدَن عام 1839م، ولغرض تأمين المياه تم إعادة ترميم الصهاريج، وذلك ابتداء من عام 1856م.

 وتعد صهاريج الطويلة مأثرة معمارية هندسية تدل على عظمة ابتكار الإنسان اليمني لاحتياجاته قديماً، فكما بنى السدود وزرع المدرجات الجبلية بنى – أيضاً - الصهاريج كنظام مائي متطور لبى احتياجات عصره واستمرت حتى اليوم شاهداً حضارياً يستمد منه شعبنا اليمني في العصر الحديث درساً وعبراً للمستقبل.

 ولنظام صهاريج الطويلة أهداف متعددة مختلفة عن الصهاريج الأخرى الموجودة بالمدينة والتي اقتصر دورها على اعتبارها خزانات لجمع الماء وحفظه حيث يرى الأستاذ عبد الله أحمد محيرز أبرز من كتب عن صهاريج عَدَن (أما نظام الطويلة فلم يكن به هذا الهدف الجامد) وهو (توفير الماء في متناول المستهلك) ولكنه يعكس: نظام دينمائي وتكنولوجيا بارعة ووجه حضاري فريد وهو وسيلة لتلقف الماء عبر جدران حاجزة، إما منحوتة بصخور الجبل أو مبنية بالحجارة والقضاض تقوم بثلاث مهمات تلقف الماء، وحجز الحجارة والطمي الساقط مع الشلالات، وتوجيه الماء عبر سلسلة من هذه الجدران لتصريفه إلى حيث تكون الحاجة إليه إلى صهاريج المدينة).

 وقد وصفها الرحالة والأديب اللبناني المعاصر أمين الريحاني قائلاً (وهذه الخزانات من أجمل الأعمال الهندسية في العالم). ويمكن الحديث عن الصهاريج بعد ترميم الإنجليز في فترة احتلالهم لعَدَن- والذين كانوا يتوقعون نتائج مرضية على المدى البعيد تعيد الصهاريج كما كانت عليه ولكن التغييرات التضاريسية التي طرأت على هضبة عَدَن بفعل عوامل التعرية و بناء حواجز على الهضبة من قبل المهندسين الإنجليز لغرض تصفية الماء من الحجارة والطمى، فكانت النتيجة أن الماء لم يعد ينهمر إلى وادي الطويلة وفاض في الهضبة التي تعلو الطويلة، ويرى بعض الدارسين أن صهاريج الطويلة كانت معلقة وأن تراكمات الحجارة والطمى جعل بعضها يندثر تحت الركام بحيث لم يعد يَرى ، والبعض الآخر أجزاء منها باتت مطمورة.

ويرى محيرز أن الدراسة التي قام بها الكابتن بليفير (PLAYFAIR) تميزت بالجدية، وكانت في منتصف القرن التاسع عشر ميلادي، وقد كان يشغل في تلك الفترة مساعد السياسي المقيم وقد تميز بحسب وصف محيرز عن غيره بثقافة وبعد نظر.

وقد صنف بليفير جدولين هما (B , A) وقام بحصر نحو (50 صهريجاً) في مدينة عَدَن   (وسط مدينة كريتر وأوديتها الطويلة والعيدروس والخساف، ويبلغ عدد صهاريج الطويلة منها (18 صهريجاً) بحسب ما أورده بليفير بداية من الصهريج رقم (1) في أعلى الوادي والمسمى صهريج (أبو سلسلة) وانتهاء بالصهريج الدائري الضخم المسمى تمييزاً صهريج بليفير (سعته 4 ملايين جالون) أما كوجلان (COGHLAN) السياسي المقيم البريطاني، فقد ورد في التقرير الذي رفعه إليه كبير المهندسين المشرفين على الترميم بأن عددها في الطويلة وحدها (35 صهريجاً)، وتضمن التقرير صهريجاً لم يرد عند بليفير، وأطلق عليه اسم صهريج كوجلان (الصهريج المربع) .- بينما يشير تقرير نورس (NORRIS ) وبنهي ( PENHEY ) بأن عددها في وادي الطويلة (17 صهريجاً) وهما اللذان قاما بوضع خارطة تحدد مواقع الصهاريج بدقة وفقاً لوضعها الموجود إلى الآن (ونورس وبنهي هما موظفان بريطانيان يتبعان هيئة الأشغال في الخمسينات من القرن العشرين ، وقد قاما بمسح آثاري للصهاريج).

وتبلغ السعة الإجمالية للصهاريج حوالي (20 مليون جالون)، أكبر الصهاريج ســـعة هو صهريج بليفير (الدائري) حوالي (4 ملايين جالون)، وأصغرها سعته حوالي(10 آلاف جالون )، ويقع بالقرب من سائلة وادي العيدروس.

أما بالنسبة للصهاريج التي رممت فيبلغ عددها (14 صهريجاً) ، وهناك (36 صهريجاً) لم ترمم وبعضها بات مخرباً)، ناهيك عن الصهاريج المطمورة والتي لم يتم اكتشافها بعد.

وأكبر الصهاريج وأشهرها: صهريج بليفير الدائري، ويقع خارج وادي الطويلة ، وتصب فيه الصهاريج من (1-10) .- صهريج كوجلان (المربع) ويقع في وسط الوادي، يملأ الفراغ بين جبلين.- صهريج أبي قبة، ولعل القبة أَضيفت خلال فترة حكم العثمانيين.- صهريج أبي سلسلة رقم (1) ، ويقع في أعلى وادي الطويلة .-  بالقرب من حديقة تسمى حديقة الصهاريج بني متحف عام 1930م، وهو اليوم مركز للوثائق والصور التاريخية الخاصة بمدينة عَدَن.

ولم تعد بطبيعة الحال للصهاريج قيمة نفعية عملية في الوقت الراهن حيث تم توفير مصادر أخرى للمياه بمدينة عَدَن ابتداءً من أواخر القرن الماضي التاسع عشر ميلادي و بداية القرن العشرين حيث باتت عَدَن تصل مياهها من مصادر عدة مثل بئر أحمد والمناصرة وبئر فضل والحسوة والمحطة الكهرو حرارية إضافة إلى الآبار المتفرقة داخل المدينة نفسها، وبالتالي أصبحت للصهاريج قيمة جمالية أثرية جاذبة للسياح والوافدين والزوار، ولازالت معظم منشآتها قائمة وبحالة جيدة مبنية بالحجارة السوداء  (البازلت) ومليسة بالقضاض (البوميس).

وتغذى الصهاريج من سدود هضبة جبل العُر (شمسان) التي تحتل مساحة تزيد على الثلثين من مساحة مدينة عَدَن كريتر، وتقع الهضبة في أعلى مدينة كريتر جنوباً، وتضم على الهضبة ثمانية سدود، إثنان منها يقعان في وادي الخساف والستة الباقية تقع في وادي الطويلة جميعها ذو طابع قديم والسدود الثمانية السابقة تم تشييدها  واستخدامها بعد الاحتلال الإنجليزي لمدينة عَدَن كريتر عام 1839م.

أ- سدي بحيرة الخساف: بدأ مشروع بناء سدي بحيرة الخساف في عام 1863م، بعد فشل ترميم صهاريج الطويلة وكحل لمشكلة المياه في مدينة عَدَن حيث أن وجود السد سوف يؤدي إلى حجز المياه وتكوين بحيرة ونقل المياه عبر قناة تمر تحت نفق في جبال المنصوري إلى خزانات في جبل حديد .وقد تم الانتهاء من بناء السد في عام 1877م ، وأطلق عليه سد الحوض الكبير ، كما بَني سد آخر أطلق عليه سد البئر ويصب السدان في وادي الخساف.

ب - سدود وادي الطويلة: تقع السدود الستة المبنية على وادي الطويلة بهدف تنظيم المياه المندفعة إلى الصهاريج، ويمكن سردها بحسب الترتيب (سد المساقط الأربعة، وسد العقود الثلاثة، وسد الصخرة، والسد العميق، والسد الوسيط، وسد التعكر). وقد بنيت خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ميلادي.

ج - سد بستان الفرس: ويقع في نهاية الهضبة من ناحية الشرق حيث يسمى سد الصمت، ويصب في صهريج بليفر عن طريق قناة تصل بينهما بحر عدن).