2- شهاب غانم باكثير.. سيرة حياة وذكريات.
1- من الإرشيف:
جامعة عدن تحتضن علي أحمد باكثير ودوره الوطني
صباح يوم الأربعاء الموافق 9/4/2008م وبرعاية أ.د. رئيس جامعة عدن، نظمت محاضرة
بعنوان ( علي أحمد باكثير ومحمد علي لقمان: صفحات مطوية في تاريخ الحركة الوطنية
والفكرية والثقافية في عدن ) للدكتور / محمد أبو بكر حميد.وفي ما يلي تقديم
للمحاضرة بقلم الصحفي فاروق لقمان
"كشفت المحاضرة التي ألقاها الكاتب والباحث المعروف الدكتور محمد
أبوبكر حميد في جامعة عدن، بدعوة كريمة منها، بعنوان "علي أحمد باكثير ومحمد
علي لقمان وصفحات مطوية من تاريخ الحركة الثقافية والوطنية في عدن" كشفت
بالفعل عن تاريخ مجهول وأوراقاً جديدة تضاف إلى تاريخ عدن الثقافي والوطني، فقد
حققت العلاقة الحميمة والانسجام الروحي والفكري الذي ربط محمد علي لقمان بباكثير
في عشرة أشهر أقامها باكثير في عدن أكثر مما حققه غيرهما في عشر سنين. وكان إصدار
الدكتور حميد ديوان باكثير "سحر عدن وفخر اليمن" الذي وزع أثناء
المحاضرة وثيقة حية بين أيدي الناس تشهد بما قال.
ولم أعجب لهذا كله فالدكتور محمد أبوبكر حميد يعمل منذ حوالي 25 عاماً على
خدمة تراث باكثير ونشره وإعادته إلى وطنه الأصلي اليمن، وهو في هذه المحاضرة قدم
جانباً جديداً عن محمد علي لقمان لم تتطرق إليه الندوة التي أقيمت عنه بجامعة عدن
عام 2006، وهذا إضافة. وخلصت المحاضرة إلى أن باكثير ولقمان شخصيتان يمنيتان
كبيرتان عملتا من أجل اليمن كله ومن أجل وحدته قبل أن يرتفع صوت بالحديث عن
الوحدة، فقد كانت طموحات فكر باكثير أكبر من حضرموت وكانت طموحات لقمان أكبر من
عدن، لهذا اتحدا من أجل اليمن واتصلا بعالمهما العربي والإسلامي من أجل ذلك الهدف
الكبير.
لهذا لا عجب أن تصبح – بعد ذلك – دار محمد علي لقمان في عدن ملاذاً للأحرار
اليمنيين ومقراً لاجتماعاتهم وتصبح جريدته "فتاة الجزيرة" لسان حالهم
وأن يمثل الأحرار اليمنيون ومحمد علي لقمان في عدن وباكثير من مصر اليمن كلها، ولم
يكن عجباً أن يطلب الأحرار اليمنيون من محمد علي لقمان أن يكتب لصديقه باكثير في
القاهرة لينظم نشيداً لليمن يكون نشيد الأحرار الرسمي وقد وضعه الدكتور محمد أبوبكر
حميد في هذا الديوان:
اليمن الخضراء
أمنا أكرم
بأمنا اليمن
والثورة البيضاء
همنا على
عواثير الوطن
إن لم نثر لها فمن؟ تحيا
اليمن تحيا اليمن
ثم يقول باكثير داعياً للنهوض والصحوة، ولا يزال صدى كلماته يتردد إلى الآن:
هذي شعوب الأرض قد صحت ونحن في نوم عميق
غايات سيرها
توضحت
ولم يلح لنا الطريق
وباكثير هو نفسه يستكمل الطريق بعد وفاة صنو روحه محمد علي لقمان ويكتب نشيداً
للوطن الذي لم يشهد لقمان استقلاله، فيدعو باكثير في نشيد دولة الجنوب إلى الوحدة
اليمنية عام 1967م إذ يقول في بداية النشيد:
يا دولة الجنوب يا بلسم الجراح
في ظلمة الخطوب أشرقت كالصباح
ثم يصل إلى بيت القصيدة والحديث عن الوحدة اليمنية:
يا دولة الجنوب
عيشي مع اليمن في داره الشرف
والوحدة الثمن والسؤدد الهدف
لواؤك الجديد يُمن على العرب
فاليمن السعيد ميلاده اقترب
كانت زيارة باكثير لعدن نقطة تحول هامة في حياة هذا الأديب الكبير إذ أنها أيقظت
في نفسه رغبة جامحة في التحصيل العلمي الأكاديمي بعد فترة من الجمود في حضرموت
أشار إليها في أشعاره.
ويقول الأستاذ حميد إن عدن غرست كيانها في نفسية باكثير مما جعله يقول بعض أجمل
أشعاره في التغني بها والإشادة بأهلها. وبعد عشرة أشهر من عام 1932 شد الرحال إلى
الحجاز حيث بقي بها عشرة أشهر أخرى ثم غادرها عام 1934م إلى مصر التي كانت في قمة
توهجها الأدبي والعلمي والصحافي إذ أنها كانت فعلاً قلب العرب النابض وعاصمة
ثقافتهم في كل مجال. وهناك انخرط في الدراسة الجامعية فور وصوله ليس في صفوف الأدب
العربي كما قد يتبادر إلى الذهن بل في الأدب الإنكليزي. والسبب؟ لأن علومه العربية
كما قال له أساتذته عند المقابلة الأولى كانت أرقى مما تستطيع الجامعة أن تقدمه
له. ذلك وهو في العشرين من العمر فقط ولم يعرف من العالم سوى إندونيسيا التي ولد
فيها عندما كانت تعج بمئات الألوف من الحضارم، وحضرموت التي ذرف الدمع شعراً على
جمودها، ثم عدن التي كانت منارة ثقافية وسياسية واجتماعية في الجزيرة العربية
آنذاك.
وقد اجتذب اهتمامي واعجابي ما قام به الدكتور حميد منذ الثمانينيات عندما كرس
جهوده الأكاديمية وما بعدها لدراسة حياة باكثير وجمع تراثه ورسائله وجعل منها مادة
منظمة لحياة أحد أشهر أبناء اليمن في العالم العربي في النثر والشعر والمسرحية رغم
كل الصعاب التي صادفها في مصر من قبل الماركسيين ومن لف لفهم الذين لم ترق لهم ميول
باكثير الإسلامية وكتاباته الوسطية المستنيرة. فحاربوه ومنعوا بروزه في المجتمع
الأدبي الكبير بقدر الإمكان أيام الهجمة اليسارية في الخمسينيات والستينيات مما
أحزنه كما أساء إليه وتسبب في إصابته بالاكتئاب وخيبة الأمل حتى مات حزيناً
متألماً.
كل ذلك نشره الدكتور حميد خلال العقدين الماضيين ولست هنا في صدد إعادة بعض ما
نشره لأن حديثي اليوم يأتي بمناسبة إلقاءه محاضرة غنية في جامعة عدن عن باكثير
وفترة إقامته في المستعمرة السابقة و(العاصمة التجارية حالياً) في الثلاثينيات،
وإصدار الدكتور وتقديمه لديوان باكثير الذي جمع قصائده العدنية أو
"عدنياته" في مجتمع التنوير كما وصفه الأستاذ الدكتور أحمد علي
الهمداني، في ندوة الجامعة عن محمد علي لقمان رحمه الله. بل أن المحاضرة والديوان
المذكورين دارا حول باكثير في عدن وعلاقاته الوثيقة بمحمد علي لقمان الذي اتفق معه
على العمل معاً في الخروج باليمن من قوقعة الجمود والانطلاق إلى رحاب العلم
الجامعي الحديث. فأفادته لأنها فتحت أمامه أفاقاً واسعة عن طريق الأدب الإنكليزي
وخصوصاً الشعر والمسرحية – شكسبير بالذات. يقول في إحدى قصائده:
مضى زمن الجمود فودعوه ووافاكم زمان
العاملينا
زمان ليس يعلو فيه
إلا
عصامي جرى في السابقينا
وإن لنا مواهب ساميات بني
الأحقاف أدهشت القرونا
ألا فاستعملوها في المعالي تنالوا في
الورى المجد الأثينا
فقد لعبت بأدوار
كبار جدودكم
الكرام السالفونا
ولو ثقفت يوماً (حضرمياً)
لجاءك آية في النابغينا
يقول المؤلف: "وفيما يلي هذا النشيد الذي نظمه تلبية لرغبة صديقه محمد علي
لقمان وزملائه بنادي الإصلاح العربي الإسلامي بعدن ليكون نشيداً رسمياً للنادي:
نحن للعز خلقنا نأنف الضيم ونأبى
نحن أبناء رجال ملكوا الدنيا كعابا
قد برانا الله نوراً إذ برى الناس ترابا
نحن أسدٌ قد تخذنا (نادي الإصلاح) غاباً
همُنا المجد فلن نأ لوه الدهر طلاباً
قد تقلدناه ديناً وتلوناه كتاباً
أيها الظالم مهلاً سنقاضيك الحسابا
سوف تدري عن قريب أن للرئبال نابا
لا نهاب الموت إنا نشرب الموت شرابا
وعن حب باكثير لعدن يقول الدكتور محمد تحت العنوان الفرعي "حبه عدن الوطن
والإنسان: "أحب علي أحمد باكثير (عدن) وعبر عن حبه لها بمشاركته الحميمة في
الحياة الأدبية بها، وصلاته الوثيقة بأدبائها ومثقفيها، فقد كانت عدن في هذه
الفترة سنة 1932م تزدحم بزخم من الأحداث السياسية والثقافية والاجتماعية، وقد
جعلها ميناؤها العالمي أثناء الاستعمار البريطاني لها مركزاً تجارياً ومحطة عبور
واستراحة لكثير من قيادات التحرير في العالم العربي والإسلامي، وارتبط باكثير
وشارك في أنشطة نواديها الأدبية من خلال صداقته للأستاذ محمد علي لقمان محور
الحركة الثقافية والفكرية في (عدن) آنذاك.
"كان هناك (نادي الأدب العربي) الذي أُسس سنة 1925م برئاسة الأمير أحمد فضل
القمندان (1884-1943)، وإدارة الأستاذ محمد علي لقمان، وكان هناك (نادي الإصلاح
العربي) الذي أُسس على عدة فروع، فرعه الأول أُسس في (التواهي) سنة 1929م على يد
الأستاذ عبده غانم ثم ظهر فرعه الثاني سنة 1930م في (الشيخ عثمان) على يد الأستاذ
أحمد محمد سعيد الأصنج (1910-1969م)، ثم ظهر فرعه الثالث في السنة نفسها في
(كريتر) على يد الأستاذ محمد علي لقمان.
"قامت هذه النوادي الثقافية من خلال أنشطتها الفكرية المتنوعة بأدوار مبكرة
لمناهضة الاستعمار في (عدن)، وقد أشار الدارسون لتاريخ هذه الفترة أن علي أحمد
باكثير كان من أهم الشخصيات التي دعت إلى مناهضة الاستعمار جنباً إلى جنب مع محمد
علي لقمان وأحمد محمد العبادي (1883-1968م)، حيث ألقى المحاضرات ونظم الأناشيد
الوطنية، فنجد له في هذا الديوان ثلاثة أناشيد نظمها لفروع نادي الإصلاح العربي
الإسلامي الثلاثة بمناطق (التواهي) و(كريتر) و(الشيخ عثمان)، فنشيد (عدن ثغر جميل)
نظمه ارتجالاً أثناء احتفال (نادي الإصلاح) فرع (التواهي) فيقول فيه:
يا بني الإصلاح سيروا للأمام وليعش ناديكم في كل عام
سرني ما شمت في محفلكم من وفاق واتحاد ووئام
إلى أن يقول:
(عدن) ثغر جميل ضاحك وبنو الإصلاح في الثغر ابتسام
"ثم يكتب لنادي الإصلاح العربي الإسلامي فرع (كريتر) نشيده الرسمي بناء على
رغبة صديقه الأستاذ محمد علي لقمان بعنوان: (أيها الظالم مهلاً) مطلعه:
نحن للعز خلقنا نأنف الضيم ونأبى
نحن أبناء رجال ملكوا الدنيا غلابا
وقد ذاع صيت هذا النشيد الذي ردده جيل من أبناء نادي الإصلاح في (عدن)، وخُلد به
ذكر باكثير في تاريخ هذا النادي.
"وتحت عنوان (نهضة عدن) يرتجل الشاعر نشيداً لنادي الإصلاح فرع (الشيخ عثمان)
أثناء أحد احتفالات النادي مطلعه:
بني الإصلاح حييتم بأنفاس التحيات
بنيتم للعلا صرحاً ينيف على البنايات
"وأهم ثلاثة من رواد الحركة الثقافية في عدن آنذاك – بعد محمد علي لقمان –
ربطته بهم علاقات وطيدة استمرت إلى ما بعد وصوله مصر وظهرت آثارها في مراسلات
شعرية ونثرية هم الأساتذة أحمد محمد سعيد الأصنج، والشاعر عمر محمد محيرز
(1910-1982م) والشاعر محمد عبده غانم (1913-1993م) وهم جميعاً في سن واحدة مع
باكثير ما عدا محمد عبده غانم الذي كان أصغر سناً".
خلال فترة إقامته في عدن قبيل الانتقال إلى مصر للدراسة ثم الإقامة الدائمة اندلع
خلاف حاد بين الحضارم في إندونيسيا أدى إلى انقسامهم إلى فريقين متحاربين أثار
اهتمام باكثير الذي كان يرى أن الخلاف بين العلويين والإرشاديين نتج عن تدخل إياد
أجنبية لتشغلهم عن رسالتهم في خدمة دينهم.
وكان الحضارم قد أدخلوا إلى أندونيسيا رسالة الإسلام الحنيف بدون حرب أو استعمار
كما فعل الهولنديون الذين أخضعوها لمئات السنين لم تنته إلا بالاستقلال عام 1949م".
شهاب غانم باكثير.. سيرة حياة وذكريات
د. شهاب غانم:
لعل أول مرة أقرأ فيها لباكثير كانت عام 1952 أو نحو ذلك وأنا صبي في
المدرسة المتوسطة في عدن، كان مدرس اللغة العربية قد أخبرنا أننا سنقدم في الحفل
السنوي للمدرسة للآباء والمدرسين والطلبة مسرحية نثرية بعنوان “مسمار جحا” للأديب
اليمني المصري علي أحمد باكثير، وأخبرنا أن مسمار جحا في الرواية يرمز إلى قناة
السويس التي كانت في ذلك الوقت تحت سيطرة الجيش البريطاني، وكان الاستعمار
البريطاني في عدن لا يدرك الأبعاد السياسية للمسرحية بينما كان مدير المدرسة
متعاطفاً مع ما تطرحه المسرحية، وقد أنيط بي دور بسيط جداً رغم أنني كنت الأول في
الفصل ربما نظراً لصغر سني وحجمي، وأذكر أنه كان عليّ أن أردد أكثر من مرة عبارة
“يا أبا سحتوت كل حي يموت”.
كان مدرس
اللغة العربية قد أنشأ في الفصل مكتبة صغيرة كنا نسهم في تمويلها من مصروف الجيب
وزودها بعدد من الروايات والكتب الحديثة، وأذكر أنني استعرت منها روايات مثل “كفاح
طيبة” لنجيب محفوظ و”سلامة القس” و”وا إسلاماه” لباكثير، كما أن المدرس قرأ علينا
أبياتاً لباكثير مطلعها:
يا سيف يعرب جرد غمدك iiالآنا فيوم بطشك بالأعداء قد iiحانا
يوم انطلاقك من غمد شقيت به دهراً ولاقيت من بلواه iiألوانا
|
وأخبرنا أن القصيدة كانت تخاطب إمام اليمن الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين،
ولعل المدرس كان مخطئاً فالإمام كان طاغية، فباكثير عند قيام ثورة الأحرار أو ثورة
الدستور في اليمن عام 1948 ومصرع الإمام يحيى والد الإمام أحمد قال في قصيدة بعنوان
“أمة تبعث” منها:
ملك يموت وأمة تحيا بشرى تكاد تكذب النعيا
ما كان أبعد أن نصدقها سبحان من أردى ومن iiأحيا
شعب نضا الأكفان عنه وقد بليت فأهداها إلى iiيحيى
غفر الإله لعاهل iiبطل صان الحمى حراً ولم iiيعيا
ما ضره لو قد أضاف iiإلى حسناته التعمير iiوالإحيا
وأمامك الملك الجديد iiعلى عهد من الشورى سما هديا
قل للذي يبغي الرجوع iiإلى عهد طوته يد البلى طيا
إن يبغ أحمد أن يرى ملكاً فيبلغ قوماً مثله عميا
|
وفي هذا البيت الأخير يقدم لنا رأيه في الإمام أحمد قبل أن يتغلب على ثورة
الدستور التي لم تستمر في الحكم سوى بضعة أسابيع، كا أن باكثير كتب قصيدة احتفى
فيها بالمجاهد الجزائري الكبير “الفضيل الورتلاني” الذي لعب دوراً مهماً في تلك
الثورة، ولكن ربما كتبها باكثير مخاطباً أحمد عندما كان ولياً للعهد وكان بعض
الأحرار يأملون فيه خيراً في البداية، وكان يلقب ب”السيف أحمد” فربما لذلك خاطبه
بسيف يعرب، وقد أخبرني كل من د. محمد أبوبكر حميد ود. أحمد السومحي والأستاذ
عبدالحكيم الزبيدي أنهم لم يطلعوا على تلك الأبيات في أي أثر لباكثير الذي أنهى
القصيدة محرضاً: “وأعلن الحرب يابن الحرب إعلانا”.
ذكرى لقاء وحيد بباكثير
كان عليّ أن انتظر حتى ابريل 1968 للقاء باكثير، فذات يوم أخبرني والدي
الشاعر الدكتور محمد عبده غانم أن باكثير موجود في عدن، وأنه سيزورنا هو والعلامة
الضرير الشيخ محمد سالم البيحاني، وكان لدي موعد للعب التنس فألغيته واستقبلت
باكثير والبيحاني مع والدي في المنزل. أما البيحاني فكنت قد رأيته قبل ذلك بل كنت
أواظب على صلاة الجمعة في مسجد العسقلاني بعدن الذي جدده البيحاني في الخمسينات من
القرن الماضي وبنى لنفسه شقة صغيرة ملاصقة للمسجد. كان المسجد من طابقين وفيه قسم
للنساء، وكان يكتظ بالمصلين أيام الجمع ولا ينافسه من حيث إقبال المصلين عليه إلا
مسجد العيدروس الذي كان يخطب فيه الشيخ علي باحميش، وقد قضى الشيخ باحميش شهيداً
في أوائل السبعينات عندما دهسته سيارة وهو على الرصيف فقد كان رحمه الله ينتقد
الحكم الشمولي وابتعاده عن تعاليم الدين بجرأة لم يكن لها مثيل في ذلك الزمن. وقد
حضر بعض خطبه في مطلع السبعينات وكان المسجد الكبير يكتظ ويفيض بالمصلين
وبالناقمين على الأوضاع. أما الشيخ البيحاني فقد هاجر بعد استيلاء الحكم الشمولي
إلى الشطر الشمالي وتوفي هناك.
وكان البيحاني قد أنشأ صرحاً تعليمياً مهماً في عدن، وهو المعهد الإسلامي ليكون
أزهر مصغراً في عدن وقد اختار له المدرسين الأكفاء بصرف النظر عن انتماءاتهم
الحزبية والمنطقية من اليمن شمالاً وجنوباً مما يدل على سعة أفق ذلك العالم
المفكر، وكان البيحاني رحمه الله صديقاً لوالدي فقد طلب من والدي قص شريط افتتاح
المعهد وعلى كل حال فقد كان والدي في ذلك الوقت المسؤول الأول عن التربية والتعليم
في عدن، ولكن البيحاني أيضاً كان قد طلب من والدي تقديم أحد كتبه الدينية القيمة.
وأذكر أنني قرأته بمقدمة لوالدي.
وكان البيحاني صديقاً قديماً لباكثير منذ انتقاله من حضرموت إلى عدن نحو عام 1931
حيث كون باكثير صداقات أيضاً مع جدي لأمي رجل التنوير الصحافي المحامي محمد علي
لقمان، ومع والدي وغيرهما من الشعراء والمثقفين وصار عضواً في نادي الإصلاح العربي
الإسلامي بعدن والذي كان يديره جدي لقمان (وكان قبل ذلك يديره تحت مسمى “نادي
الأدب العربي” الذي أنشئ عام 1927 بتشجيع من عبدالعزيز الثعالبي) بينما كان جدي
عبده غانم الهاشمي الحسني رئيساً لنادي الإصلاح في التواهي في منطقة الميناء.
وكان باكثير عندما وصل إلى عدن عام 1931 قد أصبح شاعراً معروفاً بينما كان والدي
الذي يصغره قليلاً شاعراً ناشئاً دون العشرين وقد رحب والدي بباكثير عند مقدمه
بقصيدة ضاعت منه ولكنه ذكر منها بيتاً في المقدمة المعنونة: “رحلتي مع الشعر”
لأعماله الشعرية الكاملة التي نشرتها دار العودة وهو:
يا علي الفضائل الجم كن لي موئلاً واطرد العذاب iiالمهولا
|
ويقول إن باكثير قال له برفق فيما بينهما: لو قلت “الفضائل الكثر” لكان
أفضل.
ومنذ بضع سنوات أهداني الدكتور محمد أبوبكر حميد صورة من تلك القصيدة وجدها
بين أوراق باكثير بخط والدي قبل التحاقه بالجامعة الأمريكية ببيروت التي تخرج فيها
بدرجة الامتياز عام 1936 كأول خريج من الجزيرة العربية، وكان الأول على دفعته وحصل
على الجائزة الأولى للمسابقة الشعرية التي عقدتها جمعية “العروة الوثقى” في بيروت
وشارك فيها شعراء متميزون، وقد تطور شعر والدي كثيراً منذ قصيدته في باكثير حتى
القصيدة الفائزة. وكان خط والدي الجميل في تلك الورقة القديمة بحروف كبيرة ثم أصبح
أصغر فأصغر كلما تقدم به العمر. وقد أخبرني الأستاذ الجليل عبدالله فاضل فارع أنه
عندما رأى مقطوعة مخطوطة لوالدي في معجم البابطين عرف أنها ليست بخط والدي الذي
كان يدرسه الخط في الثانوية. والواقع أنها بخطي المتواضع فقد كتبتها نيابة عن
والدي الذي كان يجد صعوبة في الكتابة في شيخوخته.
ويمكننا هنا أن نلاحظ أن باكثير كان على الرغم من نتاجه الضخم “يؤرشف” أو يحتفظ
بكل الأوراق والقصاصات القديمة التي تهمه فاحتفظ بقصيدة والدي، أما والدي فقد كان
أقل حرصاً وقد أضاع بل وأتلف عن عمد كثيراً من نتاجه الذي كان لا يرضى عن مستواه،
وأذكر أيضاً أن والدي أخبرني أن باكثير كان يفكر في الالتحاق بالجامعة الأمريكية
ببيروت كما فعل والدي وكما فعل بعده الشيخ عبدالله بلخير “شاعر العروبة” السعودي
الحضرمي الأصل، وقد طلب باكثير من والدي أن يزوده باستمارة الالتحاق بالجامعة
فأرسلها إليه ولكن باكثير آثر بعد ذلك الذهاب إلى مصر. وقد أخبرني الدكتور محمد
أبوبكر حميد أن باكثير كتب إلى الجامعة في بيروت يطلب الالتحاق بكلية الزراعة إلا
أن الجامعة اعتذرت يومها لعدم وجود كلية للزراعة فيها.
وكا يذكر الدكتور أحمد السومحي في كتابه “علي أحمد باكثير- حياته وشعره الوطني
والإسلامي” فقد نزل باكثير في عدن في ضيافة محمد علي لقمان الذي كان يعطف عليه
ويواسيه بعد أن توالت عليه النوائب في حضرموت بوفاة زوجته الحبيبة ووالده وأخويه
وبعض أقاربه علاوة على ما لقيه من عنت في سبيل دعوته إلى الإصلاح الاجتماعي.
ولقمان كان من أهم بل ربما أهم رجال التنوير في عدن آنذاك، وكان على اتصال ببعض
رجال التنوير في العالم العربي في تلك المرحلة أمثال الأمير شكيب أرسلان
وعبدالعزيز الثعالبي ومحمد كرد علي ومحمد علي الطاهر والقاضي الشاعر الكبير محمد
محمود الزبيري والشيخ أحمد محمد نعمان، كما كان على علاقة بالفيلسوف البريطاني
برتراند رسل والزعيم الهندي المهاتما غاندي وهذا الأخير نصحه أن يدرس القانون
وينشئ صحيفة للمطالبة بالحكم الذاتي كخطوة أولى نحو الاستقلال. وقد صار لقمان
بالفعل أول خريج قانون في اليمن كما أنشأ صحيفة “فتاة الجزيرة” أول صحيفة مستقلة
في اليمن، وكانت تطالب بالحكم الذاتي منذ مطلع الحرب العالمية الأولى، كما أنشأ
أول صحيفة إنجليزية بعد ذلك ونشر أول رواية يمنية كما نشر عدداً من الكتب السياسية
والأدبية منها “بماذا تقدم الغربيون” الذي كتب مقدمته الأمير شكيب أرسلان.
وكان لقمان يكتب الشعر التقليدي في تلك الفترة، ولكنه كما ذكر هو نفسه في بعض
كتاباته أنه بعد ظهور شعراء حقيقيين أمثال عبدالمجيد الأصنج ومحمد عبده غانم وابنه
البكر محمد علي لقمان هجر الشعر إلى غير رجعة. وعلى الرغم من علاقتي الشخصية
الوثيقة به إلا أنني لم اقرأ له شعراً وأذكر أنه ذات مرة قرأ عليّ وعلى شقيقي
الدكتور الشاعر قيس ونحن في الثانوية معلقة عنترة من الذاكرة وكان إلقاؤه رائعاً.
كان لقمان يكبر باكثير بنحو عشرة أعوام، ويبدو أنه كان يتبادل القصائد مع باكثير
كما يبدو من أبيات باكثير التالية إلى لقمان:
رأيت رسائلك iiالوافية عقوداً من الدرر الغالية
فشعر رقيق أسير القوافي وشعر طليق بلا iiقافية
|
وقد أخبرني الدكتور محمد أبوبكر حميد أنه لم يجد بين أوراق رسائل لقمان
الكثيرة إلى باكثير سوى قصيدة واحدة للقمان. وعلى كل حال فإن هموم الرجلين حول
مستقبل الأمة وحول الأدب والرواية والشعر والفكر كانت واحدة أو متقاربة. يقول
باكثير في إحدى قصائده الكثيرة الموجهة إلى لقمان:
فدم يا سيدي لقمان iiحيا وسلوى للعليل iiوللحزين
فكم فرجت من همي وضيقي وكم كفكفت من دمعي الحزين
|
وعندما رحل محمد علي لقمان عام 1933 الى بربرة في الصومال حيث ذهب مديرا
لشركة “البس” لم يطق باكثير الحياة بعيدا عن عطفه وتلك العلاقة الأدبية والفكرية
فتبعه الى الصومال ونزل في هرجيسة عاصمة الصومال البريطاني آنذاك فكتب الى لقمان
قصيدة منها:
قسما ما لنا سواك ملاذ فحنانيك أيها الأستاذ
لو تعطفت فانثنيت إلينا لاستتبت لنا المنى والملاذ
في ربي هرقيسا هواء وماء ورياش ووابل ورذاذ
غير أنا وأنت لست لدينا ما لنا في ذرى الجمال نفاذ
بل إن باكثير قد أهدى ديوانه “العدنيات” الذي ما زال مخطوطاً الى امرأة
راحلة لم يسمها (أغلب الظن أنها زوجته التي فجع بوفاتها شابة) والى محمد علي
لقمان.
وعلاقة باكثير بالشيخ البيحاني كما ذكرت تعود أيضاً الى ما يسمى “بالفترة العدنية”
في حياة باكثير وقد حضر باكثير مع الشيخ مؤتمراً للوفاق في جيبوتي بين المجموعات
العربية المتخاصمة وألقى قصيدة امتدح فيها الشيخ على توفيقه بين المتخاصمين ومنها:
نورا أرى ملأ الفضاء بريقا في الشاطىء الشرقي من أفريقا
لم يأل منطقه وحسن بيانه لقلوبهم رغم اللظى ترقيقا
إيه “محمد” لا عدمت كفاءة قد طوقتك بفخرها تطويقا
أعود الى لقائي اليتيم بباكثير، ففي ذلك اليوم من أيام ربيع 1968 شعرت بأنني
شخص محظوظ إذ قضيت بضع ساعات في رفقة ثلاثة من الرجال الأفذاذ في تاريخ اليمن
الحديث. رجال تركوا بصماتهم على الحركة الاصلاحية والتعليمية وعلى الفكر والأدب
وخلفوا الكثير من الآثار والكتب القيمة. وقد تعاملوا معي كأني واحد منهم ولم يشعروني
مطلقاً بأني تلميذ في حضرة أساتذة بل تبسطوا معي في الحديث وخاصة باكثير خصوصاً
عندما عرف أنني مهندس ذو ميول أدبية. كان ثلاثتهم أقل مني قليلاً في الطول وربما
كان باكثير أقصرهم قامة. كان الشيخ البيحاني يلبس الجبة وعمة علماء الدين أما
باكثير فكان يلبس بدلة غربية رمادية اللون وكان مبتسماً معظم الوقت وتبدو عليه
السعادة الغامرة والاسترخاء، ولعل تلك السعادة كانت بسبب لقائه صديقين عزيزين على
قلبه بعد كل تلك العقود. كان يتحدث معي بصوت هادىء أقرب الى الخافت بوجه بشوش
يجعله قريباً الى النفس وشعرت أنه بصحة جيدة.
وتطرق الحديث الى مصر وما كان يتعرض له كأديب عروبي إسلامي من مضايقات بسبب
الايدلويوجيين ضيقي الأفق في تلك الفترة والى ما رآه في اليمن الجنوبية خلال
زيارته واتضح أنه عدل عن أي تفكير في العودة الدائمة الى حضرموت أو عدن بعد أن رأى
بدايات مساوىء الحكم الشمولي فمعاناته في مصر تظل أهون الشرين. وكان قراره صائباً.
وكنت نصحت والدي أيضاً أن يهاجر ولو مؤقتاً فأبى ولكنه اضطر أن يفعل ذلك بعد أقل
من أربعة أعوام.
بعد ذلك اللقاء الذي بقي محفوراً في الذاكرة بعام ونصف العام تقريباً رحل
باكثير الى عالم آخر لا يرى فيه المرء ظلم الانسان لأخيه الإنسان وقد رثاه والدي
مع عدد كبير من الشعراء في مختلف الدول العربية ومما قاله والدي في تلك المرثاة
وهو يتذكر صداقته بباكثير في أوائل الثلاثينات، وكما علمت من الموقع الذي أنشأه
الأستاذ عبدالحكيم الزبيدي فقد زاره والدي برفقة شقيقي الدكتور نزار غانم في مصر
عام 1969:
لم يمض منذ رأيته إلا القليل من الشهور
في داره في ضفة النيل المصفق بالنمير
وهو الكثير فليس ينسى الود للماضي الاثير
أيام تجمعنا به عدن على الأمل المنير
أيام كان يزورنا في حلقة النادي النضير
فيهز آفاق الندى بشعره العذب المثير
ويجيبه الانشاد في وهج شجي مستطير
لحنا تردده الشبيبة في العشي وفي البكور
ثم يقول مذكراً ببيت باكثير الشهير:
“ولو ثقفت يوما حضرميا
لجاءك آية في النابغينا”
للحضرمي مع النبوغ مواقف الشرف الشهير
الى أن يقول مذكراً بمؤلفات باكثير:
أنى لفضل الباكثير على العروبة من نظير
(شيلوك) (شعب الله) و(الفرعون) تدوي بالنكير
و(السر) و(القصران) تعكس للنهى عبث القصور
و(القس) تروي كيف قاضي الحب يقضي في الأمور
و(الجلفدان) تحذر المغرور عاقبة الغرور
و(الحبل) ينشر في الغسيل تفاهة الرأي الفطير
وإذا (بإسلاماه) تدعو المسلمين الى النفير
وإذا (بمسمار) الحماة يدق في نعش المغير
وإذا بصهيون تدان بربها رب الشرور
(بإله إسرائيل) حين يقول بالعرق الحقير
الى أن يقول:
إن غاب عنا الباكثير فذكره ملء الصدور..
وقد رأيت مجموعة كبيرة من أعمال باكثير على مكتب والدي، فهو لم يكتب هذه
المرثية الطويلة التي اقتطعنا منها بعض الأبيات ولم يذكر ما ذكر من كتب باكثير في
مرثيته إلا بعد أن قرأ أو أعاد قراءة تلك الأعمال. وهكذا كان شأن أولئك الأفذاذ لا
يهرفون بما لا يعرفون.
باكثير والانتماء
منذ بضع سنوات نشرت مقالاً في “الخليج” جاء في مقدمته أنه يحق لليمن وبالذات
حضرموت أن تقول إن باكثير ينتمي إليها، فهو حضرمي الوالدين والنشأة ويحق لمصر أن
تقول إنه ينتمي إليها “فالمرء حيث ثبت وليس حيث نبت” وفي مصر طارت شهرته ونال
الجوائز الأدبية وبعضها من عبدالناصر نفسه الذي وافق على إعطائه منحة تفرغية
لكتابة ملحمة عمر وهي منحة ربما لم تعط لغيره من الأدباء المصريين، وفي مصر تزوج
وفيها دفن، كما يحق لإندونيسيا أن تقول إنه ينتمي إليها، ففيها ولد وقضى طفولته
وكل وطن يحب أن ينتمي إليه العظماء والناجحون.
وقد لاحظت في الموسوعة الشعرية التي أصدرتها مؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين عام
2001 بعنوان “مختارات من الشعر العربي في القرن العشرين” والتي جاءت في خمسة
مجلدات أن باكثير ظهر في القسم الخاص باليمن واختار له معدا القسم الدكتور
عبدالعزيز المقالح والشاعر محمد حسين هيثم قصيدة بعنوان “واقفة بالباب”. كما ظهر
في القسم الخاص بمصر والذي أعده الدكتور عبدالقادر القط وعماد غزالي واختارا له
مقطعاً من مسرحيته “اخناتون ونفرتيتي” وهي التي كانت من تأليفه وكتبها بالشعر
التفعيلي (أو ما يسميه بعضهم بالحر وهي تسمية يطلقها بعضهم على ما يسمى بقصيدة
النثر) وكانت المسرحية على وزن المتدارك وهو أقرب الأوزان في نظري الى النثر،
كتبها عام 1938 ونشرها عام 1940 وكان قبل كتابتها بثلاثة أعوام قد ترجم مسرحية
شكسبير “روميو وجولييت” مستخدماً الشعر التفعيلي الذي أسماه يومها “النظم المرسل
المنطلق” أي المرسل من القافية (وكانت هناك قبله محاولات كمحاولة محمد فريد
أبوحديد لإرسال القافية مع الاحتفاظ بالوزن الخليلي للبيت الكامل) وكان باكثير هنا
يحاول أن يترجم المصطلح الانجليزي مْم ًَفٌق هَىََز والحقيقة أن باكثير كان في
هذين العملين قد وقع على الشعر التفعيلي وسبق بذلك السياب ونازك الملائكة بنحو
عشرة أعوام. وباكثير ذكر في أكثر من مكان أن السياب كان يذكر له هذا السبق. ولكن
الساحة الأدبية ظلت لسنوات تنسب هذا الشكل للسياب ونازك وتختلف عمن منهما الأسبق
إليه.
والحقيقة ان موسوعة البابطين المذكورة وضعت الشاعر أحمد السقاف المولود في اليمن
في القسم الكويتي ولم تذكره في القسم اليمني على الرغم مما قدمه السقاف لليمن من
المشاريع المهمة كعضو منتدب للهيئة العامة للجنوب والخليج. وعلى الرغم من زياراته
المذكورة لليمن كما ذكرتني أنا شخصيا في القسم الخاص بالإمارات ولم تذكرني في
القسم اليمني على الرغم من كتاباتي العديدة عن شعراء اليمن وعلى الرغم من أن والدي
وخالي علي لقمان في القسم اليمني من الموسوعة. ولكن يمكن أيضا القول إن شاعرة
معروفة بحرينية الأصل مثل ثريا العريض سجلت في القسم السعودي فقد تزوجت من سعودي
واستوطنت في السعودية وهي ابنة الشاعر البحريني الكبير إبراهيم العريض المذكور في
القسم البحريني. ولكنا بالمقابل نجد شاعراً بحريني المولد هاجر وتوفي في قطر هو
عبدالرحمن المعاودة مذكوراً في قسمي بحرين وقطر في نفس الموسوعة وبقصيدتين
مختلفتين بل إن احد القسمين يذكر أن وفاته كانت عام 1996 بينما يذكر القسم الآخر
انها كانت عام 1997 وحبذا لو تجنبنا مثل هذا التناقض في الكتاب نفسه أو الموسوعة.
وأنا نفسي عندما ترجمت مختارات من الشعر اليمني ونشرتها في كتاب اخترت قصيدة
“الشهيد” لباكثير ضمن الكتاب وهي القصيدة التي يقول فيها:
فيم احتشادكم هذا لتأبيني أنتم أحق بتأبين الورى دوني
|
وعلى كل حال فأنا أرى أن الشعراء الذين ينتمون إلى أكثر من قطر عربي يعدون همزة
وصل بين القطرين ويسهمون في التقارب بين أبناء هذه الأمة بعيدا عن الاقليمية
الضيقة. وأظن أن باكثير كان يمكنه الانتماء إلى مصر واليمن واندونيسيا بالسهولة
نفسها.
ونحن إذا عدنا إلى شعرائنا في العهد العباسي مثلا نشعر أنهم ينتمون في الغالب إلى
الأمة بلغتها وفكرها وحضارتها وثقافتها وليس إلى بلدان معينة بل لا نعرف أين ولد
الكثير منهم وإن حفظنا الكثير من أشعارهم. كم منا من يعرف أين ولد البحتري أو
العباس بن الأحنف؟
أعود إلى مقالي في صحيفة “الخليج” فأذكر أنني قلت في نهايته أن شهرة باكثير في مصر
تذكرنا بالشهرة التي اكتسبها عمارة اليمني عندما هاجر إلى مصر في أواخر عهد
الفاطميين ولقي لديهم الحفاوة على الرغم من أنه تمسك بالبقاء على مذهبه السني.
فالأدباء في الدول الأطراف كانوا ينالون الشهرة عند الانتقال الى الحواضر الكبرى
وان كانت الصحافة ووسائل الاعلام اليوم قد يسرت للأدباء في الأطراف أن يعرفوا في
مختلف أرجاء العالم العربي.
هل ظلم باكثير؟
يقول الأديب الروائي الكبير نجيب محفوظ وكان في وقت من الأوقات يشاركه نفس
المكتب في إحدى الدوائر الحكومية، أنهما ظهرا معا واشتركا في جائزة السيدة قوت
القلوب الدمرداشية عن روايتهما “رادوبيس” و”سلامة القس” ويرى أن باكثير أديب عظيم
ولكنه مسرحي أكثر منه روائيا. ويرى أن باكثير لم يظلم رغم صيحته في الصحف قبل
وفاته “لقد ذبحوني” ويقول: “كيف ظلم؟ إنه كروائي نشرت أعماله وما يصلح منها
للسينما تم تقديمه وهو كمسرحي تم تمثيل الكثير من أعماله المسرحية في حياته وبعد
مماته، أما إذا مات وفي ذهنه شيء لم يتم في حياته فهذا ليس ظلما ولكنها إرادة
الله”.
ولا أدري كيف غاب عن نجيب محفوظ ذلك الظلم الذي كتب عنه كثير من الأدباء المصريين
أنفسهم فالصرخة “قد ذبحوني” التي أطلقها باكثير وهو الرجل المتواضع الصبور لم تكن
إلا بسبب التعتيم الذي عانى منه من بعض النافذين المعادين لاتجاهه الإسلامي
والعروبي والذين وقفوا ضد تقديم أعماله على المسرح ونشر كتبه. بل ان بعض كتبه نشرت
ولم تغادر المخازن. وذلك الظلم هو الذي دعا باكثير الى التفكير في آخر عمره
بالعودة إلى موطنه الأصلي هروبا من ذلك الظلم ولكنه أدرك أن الظلم هناك كان أدهى.
ثم إن باكثير كان أول من كتب شعر التفعيلة ولكن ذلك الشكل ظل الى يومنا غالبا ما
ينسب إلى غيره. فأي ظلم بعد ذلك الظلم.
من الضروري أن نعيد الحق إلى نصابه بالتأكيد على أن شعر التفعيلة هو انجاز باكثيري
في المقام الأول، دون طمس أفضال الآخرين الذين رسخوا وطوروا ذلك الشكل المهم في
تاريخ شعرنا الطويل.
علي أحمد باكثير حياته
ورواياته
بقلم : عبد الله الخطيب
ولد علي أحمد محمد محمد باكثير
"في الخامس عشر من ذي الحجة سنة ألف وثلاثمئة وثمان وعشرين هجرية 15(ذوالحجة
1328هجرية)،الموافق الحادي والعشرين من شهر ديسمبر كانون أول سنة ألف وتسعمئة وعشر
ميلادية (21ديسمبر 1910م) في مدينة سورابايا في إندنوسيا "(1)، والداه عربيان
من حضرموت *
أرسله والده التاجر إلى حضرموت وهو في
التاسعة أو العاشرة من عمره لينشأ إلى جانب أهله وعشيرته في البادية ؛وهذه عادة
دأب الحضارمة في المهجر على انتهاجها ليسلك أبناؤهم مسلكاً موغلاً في العروبة
ويتخلّقوا بأخلاق البادية .
وفي حضرموت تلقى باكثير العلوم
الإسلامية والأدبية وأصول اللغة العربية ،"وبمجرد فراغه من الدراسة على عمّه
العلاّمة الشيخ محمد محمد باكثير عين باكثير وهو في بداية السن الباكرة سنة 1344
هجرية مديراً لمدرسة النهضة العلمية بسيئون "(2) لما عُرِفَ عنه من سرعة
البديهة والذكاء الخارق والنبوغ الفذ والقدرة على الإدارة والحكمة والتفنن
والإبداع. ولعلّ هذه الفترة فتقت ذهنه وأكسبته القدرة الفذة على قول
الشعر"وفي وسعنا أن نوجز حصيلته الفنية شكلاً ومضموناً في تلك الفترة الباكرة
من حياته بأنّه أتقن المعجم الشعري القديم وتشبع بروح إسلامي شفيف وأصيل"(3).
وفي سنة1931م سافر إلى مصر وحاول
دخولها"إلاّ أنّ السلطات البريطانية حالت دون ذلك فاتجه إلى الحبشة"(4)
لكن البيئة التي كان يأمل فيها لم
يجدها في الحبشة،فباكثير من دعاة الإصلاح الديني والاجتماعي، ومن الرجال القلائل ـ
آنذاك ـ الذين رفعوا راية العلم والتحرر من العادات المتخلّفة التي كان يمارسها
بنو قومه في حضرموت ،حتى أنّه اصطدم غير مرة مع وجهاء بلده لرفضه تلك الخرافات
والبدع التي كانت تمارسها عشيرته.
وعلى إثر ذلك شعر باكثير أن الجو الذي
يزيل عنه الهموم ويساعده في نسيانها ويصفي كدر نفسه هو جو مكة المكرّمة والمدينة
النبوية فتوجّه صوبهما في "غضون سنة 1932م"(5)
وقد عنونت الجرائد والمجلاّت صفحاتها
الرئيسية بخبر "وصول شاعر حضرموت"(6).
أمضى باكثير في الحجاز "عاماً
تردد خلاله على مكتبات مكّة والمدينة والطائف وعقد صلات فكرية وثيقة مع الأدباء
هناك"(7)وفي الطائف اطمأنت نفسه وهدأ خاطره، فعادت قريحته الشعرية تفرز شعراً
وتنتج أدباً،فكتب أول مسرحية وأسماها (همام أو في بلاد الأحقاف)،وهي تتناول مشكلة
حضرموت"(8).وأثناء إقامته القصيرة في الحجاز عمل على توطيد علاقته الأدبية
والاجتماعية مع أدباء مصر وأساتذتها،إلى جانب الاهتمام بتقوية العلاقات مع ساسة
الحكم في الحجاز خاصة الملك عبد العزيز آل سعود،وأخيراً كان استقراره في مصر
،فأثناء إقامته في الحجاز أرسل إليه صديقه الحميم محب الدين الخطيب صاحب مجلّة الفتح
دعوة للقدوم إلى مصر الأدب والعلم، فطار فرحاً وشدّ الرحال إلى مصر بعدما زال
المانع الذي منعه من دخولها أول مرّة،ودخلها سنة 1932م ممنياً نفسه بالسعد
واليمن،وحال وصوله مصر التحق بجامعة الملك فؤاد ودرس اللغة الإنكليزية ،وأثناء
دراسته حدث ما كان سبباً في تحول مسيرة باكثير الشعرية،فتحول من كتابة الشعر
العمودي، إلى الشعر المرسل .ويخبر باكثير عن سبب ذلك بقوله :
"في مقعد الدرس أخذ المدرّس
الإنكليزي يلقي علينا محاضرة عن الشعر المرسل،وقال فيما قال :
ـ إنّ هذا الشعر لم ينجح في أي لغة
أخرى كما نجح في اللغة الإنكليزية،حتى إنّ الفرنسيين أنفسهم أرادوا أن يحتذوه فلم
ينجحوا كما كان النجاح في اللغة الإنكليزية ـ وطبعاً في اللغة العربية لايوجد مثل
هذا في لغتهم، فأنا اعترضت عليه وقلت له
:
ـ إنّ لكل أمّة تقاليدها الفنية في
شعرها ومن تقاليد العرب أن يلتزموا البحر الواحد والقافية الواحدة، وهذا أسلوبهم
في التعبير وأسلوبهم الفني، ولكن لا يوجد ما يمنع من إيجاد مثل هذا الضرب من الشعر
في لغتنا العربية، لأنّ اللغة العربية تستطيع أن تتنوع وأن تتعدد نغماتها كما
لاتستطيع أي لغة أخرى"
فنهرني وأذكر هذه النهرة وقال :
ـ كلام فارغ.
-+++وخرجت من الدرس إلى البيت مباشرة،
وكنت أفكر في هذا النظم، ولكن هذا التحدي جعلني أنجز ما كان على بالي في الحال،
وجئت إلى البيت نهارها ولجأت إلى أقرب شيء لأحتذي هذا النظام فوجدت روميو وجولييت
النسخة الإنكليزية فتخيرت مشهداً من مشاهد روميو وجولييت وبقيت أعالجه بهذا النظم
حتى استوى لي، ثم خطر ببالي أن أترجم المسرحية كلها من أولها إلى آخرها، وبعد أن
أتممتها تبين لي أنني اخترت البحور المتحدة التفاعيل التي تستوي تفعيلتها كالكامل
والمتقارب و المتدارك أما البحور التي اختلفت تفعيلتها فلم اخترها تلقائياً، هذه
أول تجربة لي في الشعر المرسل"(9).
عملت هذه الحادثة على تغيير حياة
أديبنا الذي اتجه إلى كتابة الشعر المرسل منذ تلك الحادثة "وقد غيرت هذه
الدراسة من نظرته لمفهوم الأدب كله، فأخذ يعيد النظر في المقاييس الأدبية التي
كانت عنده من أثر ثقافته العربية، وكان يستهويه بوجه خاص أعمال شكسبير، وقد أدى
ذلك إلى إيجاد الشعر المرسل في اللغة العربية".(10)
وفي مصر استمر باكثير يشتغل في
التدريس حوالي أربعة عشر عاماً ـ وكان وقتئذ يحمل الجنسية المصرية ـ ثم نقل إلى
مصلحة الفنون قسم الرقابة على المصنفات الفنية في وزارة الثقافة، وكان عضواً في
لجنة الشعر بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب في مصر وحينما صدر قانون التفرغ
كان باكثير أول أديب نال منحة التفرغ لكتابة ملحمة مسرحية عن عمر بن الخطاب رضي
الله عنه.(11)
رحلاته العلمية:
"سافر [باكثير] إلى فرنسا في بعثة
دراسية حرة سنة 1954 م،وفي سنة 1956م زار رومانيا والاتحاد السوفيتي عضواً في وفد
أدباء مصر بدعوة من اتحاد القطرين المذكورين، وفي سنة 1958 م مثل الجمهورية
العربية المتحدة في مؤتمر كتاب آسيا وأفريقيا الأول المنعقد في طشقند"(12)،
ويبدو أنه زار في أخريات عمره لندن إذ يشير لتلك الزيارة رفيقه عبدالله بلخير في
سياق حديثه عن فيلم أعده باكثير عن حياة الملك عبد العزيز لكنه لم يذكر سبب
الزيارة أو تاريخها. ويذكر باكثير نفسه لما سئل عن تأخره في زيارة لندن أنه زار
معظم دول الدنيا، لكن لم يتسنَّ له زيارة لندن إلاّ في هذا الوقت.
اتجاهه الفكري
لابد لأي إنسان أياً كان أن
ينطلق من أيديولوجية مرسومة في ذهنه، وليس هذا للأديب فحسب وإنما لكل امرئ على وجه
هذه الخليقة إلا ما شذ وند ر، وبطبيعة الحال كان باكثير صاحب فكر انبثقت منه
أعماله الأدبية سواء أكانت نثرية أم شعرية. ومعرفة فكر باكثير تساعد على فهم رواياته
فهماً أعمق، ويمكن استخلاص صور أدق إذا ما درست بمعزل عن فكر الرجل وانتمائه.
وسأحاول هنا تسليط الضوء على ما ذكر عن منهج باكثير وفكره الديني؛ محاولاً استخلاص
تصور عام حول ما قيل عنه.
فمنذ أن وطئت قدما باكثير حضرموت سعى
إلى تصحيح عقائد أبناء مجتمعه الغارقين في الفوضى الدينية والتخلف العقدي ،
وانتشار البدعة، والتمسك بالأحاديث الموضوعة والضعيفة، والتقيد بالطرق الصوفية
المنحرفة عن النهج الرباني من حيث تدري أولاتدري، وقد حاول باكثير "أن يبث
دعوة الإصلاح الحقيقي من خلال تلك المدرسة [مدرسة النهضة العلمية التي كان يديرها
باكثير في سيئون] في عقول النشء(13).
وقد تحمل باكثير في سبيل ذلك التهم
الباطلة من بعض الذين يتربصون بالمصلحين شراً، وبقي باكثير على هذا النهج حتى غادر
حضرموت واستقر في الحجاز وبعدها في مصر وخلال تلك الفترة "يعرف عن باكثير أنه
لم يتعصّب لفئة أو مذهب من المذاهب الدينية أو السياسية، وطالب الأمة أن تبتعد عن
كل ما يفرق شأنها، وأن توحد جهودها لإصلاح العقول والنفوس وتحريرها من كل ما يؤدي
بها إلى التهلكة، واقتدى بذلك بموقظ الشرق جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد
عبده(14)ولعل هذا القول يشق لنا أولى الطرق الموصلة لمعرفة فكر باكثير.
فالمفهوم من عدم تعصّبه لأي مذهب ديني
أو سياسي عدم انتسابه للحركات الدينية أو الأحزاب السياسية، وهذا الذي عرف عن
باكثير حقاً، وهذا لا يعني بحال أنّ الرجل لاانتماء عنده للإسلام، فشتان بين
التعصب الديني لمذهب ما وبين الرغبة في نصرة الإسلام والمسلمين، فأعمال باكثير
الأدبية تنفي هذا الادعاء. بيد أن ثمة مزاعم من انتساب باكثير لبعض التيارات
الإسلامية المنتشرة في مصر.فهناك من يرى أنّ باكثير تأثر بصديقه محب الدين الخطيب
صاحب مجلة الفتح، والخطيب معروف عنه انتماؤه للجماعة السلفية *السنية المتأثرة
بدعوة المصلح محمد بن عبد الوهاب الجندي،ولعل الفترة التي عاشها باكثير في الحجاز
كانت الدافع الأول من تأثر باكثير بالجماعة السلفية"كان من الطبيعي لعلي أحمد
باكثير أن يرتبط فيما بعد بالمدارس السلفية"(15)، والسبب أن دعوة الإمام محمد
بن عبد الوهاب مهدها الحجاز ونجد ، ومن غير المستغرب أن يتأثر المهاجرون إليهما
بالدعوة المنتشرة هناك.
أما أصحاب الرأي الثاني فهم
يرون أن انتماءه كان لجماعة الإخوان المسلمين *لاسيما الفترة التي عاشها في مصر،
وأحسب أن هذا ليس بدليل بيّن على انتماء باكثير لأي من الحركتين، فباكثير أديب
وروائي صاحب فكر إسلامي ملتزم فلابد أن يتعاطف مع أي حركة إسلامية أو تيار فكري
يدعو إلى امتثال الإسلام، وبالتالي فإنه مؤيد للحركة السلفية أثناء إقامته في
الحجاز ومتعاطف مع حركة الإخوان أثناء إقامته في مصر معقل الحركة .
مؤلفات باكثير :
أولاً: المسرح التاريخي الشعري:
إبراهيم باشا أو الوطن الكبير.
إخناتون ونفرتيتي
الشيماء أوشادية الإسلام
قصر الهودج
همام أو عاصمة الأحقاف
ثانياً: المسرح التاريخي النثري:
إبراهيم باشا رسول الوحدة العربية
أبو دلامة: مضحك الخليفة
الدودة والثعبان
الفرعون الموعود
الفلاح الفصيح
دار ابن لقمان
سر الحاكم بأمر الله
ملحمة عمر
من فوق سبع سماوات
هاروت وماروت
هكذا لقي الله
ثالثاً: المسرح الاجتماعي
الدكتور حازم
الدنيا فوضى
السلسلة والغفران
جفلدان هانم
حبل الغسيل
قطط وفيران
رابعاً : المسرح الأسطوري
أوزوريس
سر شهرزاد
مأساة أوديب
خامساً : المسرح السياسي
إمبراطورية في المزاد
التوراة الضائعة
الزعيم الأوحد
السكرتير الأمين
المقراض
إله إسرائيل
راشيل والثلاثة الكبار
شعب الله المختار
شيلوك الجديد
الحل
عودة الفردوس
ليلة 15 مايو
مسمار جحا
معجزة إسرائيل
نقود تنتقم
سادساً : المسرح المترجم
الليلة الثانية عشرة
روميو وجولييت
لحظات التجلي
الروايات
الثائر الأحمر
الفارس الجميل
سلامة القس
سيرة شجاع
ليلة النهر
واإسلاماه
الهوامش:
1 ـ ينظر محمد أبو بكر حميد ، مقال
بعنوان: صفحات مجهولة : علي أحمد باكثير، مجلة الأدب الإسلامي، مج8، العدد29 لسنة
1422هجرية، ص15، وعبدالعزيز شرف، مجلة الفيصل العدد 30،نوفمبر 1979السنة
الثالثة،مقال بعنوان: علي أحمد باكثير والمسرح الشعري،ص74.
*هناك بعض النقولات بأن والدة باكثير
إندنوسية غير أنني لم أجد أي مصدر يذكر هذا بل اتفق الجميع على أنّه من أبوين
عربيين.
2 ـ محمد أبو بكر حميد،مقال بعنوان:
صفحات مجهولة: علي أحمد باكثير، مجلة الأدب الإسلامي، العدد29،مج 8 سنة
8،1422هجرية،ص18.
3 ـ عز الدين إسماعيل، مقال بعنوان:
مسرح باكثير الشعري، مجلة المسرح،العدد70، فبراير،1970،ص6.
4 ـ أحمد حافظ، مقال سابق، مجلة
الأزهر،ص915.
5 ـ عبد الله عمر بلخير، مقال
بعنوان، خمسون عاماً من ذكرياتي مع علي باكثير، الفيصل، العدد168، السنة الرابعة
،ص11.
6 ـ المرجع السابق، ص11.
7 ـ أحمد حافظ، مرجع سابق،ص915.
8 ـ محمد أبو بكر حميد، التوراة
الضائعة، قراءة وتحليل، اليمن الجديد، العدد11، السنة 17، نوفمبر،1988،ص46.
9 ـ محمد أبو بكر حميد، التوراة
الضائعة، مرجع سابق ،ص28.
10 ـ عبد العزيز شرف، مقال بعنوان: علي
أحمد باكثير والمسرح الشعري، (مرجع سابق)،ص74.
11 ـ هلال ناجي، شعراء اليمن
المعاصرون، ص227.
12 ـ المرجع السابق، ص227.
13 ـ محمد أبو بكر حميد: من حجازيات
باكثير المجهولة المنهل 3- سبتمبر، 1995،ص164.
14 ـ محمود جواد المشهداني ، الاتجاه
القومي في أدب علي أحمد باكثير،مجلة آداب المستنصرية، العدد13 لسنة 1986 ص251.
*الحركة السلفية: دعوة إسلامية سنية
امتداد لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيراً على نهج شيخ الإسلام ابن
تيمية، وهي من كبرى الحركات الإسلامية على الساحة العالمية. لاتتعصب لمذهب من
المذاهب وتعمل على تطهير عقائد الناس من البدع والخرافات التي علقت في أذهان بعضهم
من مخلفات الجهل الاستعماري، والدعوة من أقرب الدعوات الإسلامية الأخرى فهماً
للإسلام وعملاً بأحكامه وهي غير تابعة لنظام سياسي أو مجيرة لحساب كيان سياسي ما.
15 ـ محمد الحسناوي، علي أحمد باكثير
بين العقوق والإنصاف، مجلة الآداب، العدد 8، السنة 18، آب،1970، ص44 منقول.
* حركة الإخوان المسلمين: حركة إسلامية
كبرى أنشأها الأستاذ حسن البنا ـ يرحمه الله ـ في أعقاب التآمر ضد الخلافة
العثمانية سنة 1928م، كان لهذه الحركة حضور كبير في الشارع العربي ومريدوها
منتشرون في شتى أصقاع المعمورة، تعمل الحركة على بث روح الجهاد في نفوس الشباب
المسلم والعودة بهم إلى دين الله، ولكن ثمة مآخذ على الحركة لا تقلل كثيراً من
قيمتها الفذة وجهودها المباركة