آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-10:57ص
جامعة عدن

ارشيف الاخبار

البروفيسور "بن حبتور ". . 6 أعوام من العطاء القيادي في رئاسة جامعة عدن

2015-01-01

موقع جامعة عدن الإلكتروني



الصور متنوعة من مسيرة الدكتور في الجامعة  

عيدروس زكي :

منذ 15 يونيو 2008 م حتى 22 ديسمبر 2014 م ، 6 أعوام قضاها الأستاذ الدكتور البروفيسور عبد العزيز صالح بن حبتور ، محافظ محافظة عدن ، المتخصص في علوم الإدارة و الاقتصاد و التنمية ، في رئاسة جامعة عدن ملؤها عطاءات قيادية و توجيهية تنويرية حكيمة و محنكة ، و في 23 ديسمبر 2014 م أصدر فخامة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي ، رئيس الجمهورية ، قراره الجمهوري رقم 144 للعام 2014 م ، الذي قضى بتعيين الأخ الدكتور عبد العزيز صالح بن حبتور ، محافظاً لمحافظة عدن . جامعة عدن هذا الصرح العلمي العظيم و قلعة بُناة الوطن و مستقبله الزاهي أجيالنا الجديدة ، احتفينا في العام 2014 م بالذكرى الـ 44 لتأسيس الجامعة في العام 1970 م . . و في هذه المناسبة يحدثنا الأخ الدكتور عبد العزيز صالح بن حبتور ، محافظ محافظة عدن ، عن ذكريات الجامعة و شجونه فيها . .



 فقال :

 خريجو جامعة عدن الآن أصبحوا منتشرين على مستوى واسع سواءً أكان في اليمن أم في دول الجوار وأيضاً في البلدان التي جاءوا منها . وهم موجودون وكل واحد منهم يحمل فكرة الانتماء للجامعة , ويحمل الاعتراف بجميل الشهادة , والعمر الذي قضاه بالجامعة , ويحمل أيضاً صفةً ما تقربه من هذه المؤسسة الأكاديمية المحترمة ، و الجامعة في الحق هي نوع من التواصل مع الجديد والتنوير الثقافي , والعلمي , ولأهمية الجامعة , وتأسيسها , علينا أن ندرس , ونراجع الفكرة بكاملها , ومن ثم نطلق التساؤلات المشروعة : متى أُسست أول جامعة ؟ وفي أي بلد ظهرت أول جامعة في العالم ؟ وما هي الظروف التي على أساسها نشأت ؟ وأنشأت في أوروبا باحتسابها مركز العلوم في العالم ؟ أم في اليابان ؟ أم ظهرت في أمريكا ؟ ، لكن , بالعودة إلى المصادر , والمراجع نجد أن أول جامعة في العالم أُسست في وطننا العربي في مدينة  " فاس " بالمملكة المغربية , هذه المدينة التي أتمنى أن تزوروها يوماً ما, لأنها من المدن الجميلة في المغرب العربي ,وبها شواهد حضارية كبيرة , وواسعة تدل على أن هناك فعلاً شيئاً من التواصل الحضاري الكبير الذي حدث بين الإنسان الذي عاش في هذه المنطقة , وشيئاً اسمه العلوم .




 و مضى قائلاً :

 إن أول جامعة في العالم هي جامعة القرويين , وهي جامعة إسلامية , عربية , أسستها سيدة فاضلة اسمها : " فاطمة الفهري " . تخيلوا أن هذه الجامعة تأتي في محيطنا الإسلامي , والعربي , وتؤسسها امرأة فاضلة . وهذا يعطي مؤشراً على أن هناك درساً يجب أن يتعلمه العالم بأن عالمنا العربي , والإسلامي , منبت خصب للعلوم , والمعرفة , والثقافة وليس - كما تقول وسائل الإعلام المشبوهة - أن عالمنا الإسلامي مصدر الشرور والإرهاب . بل على العكس , نحن إذاً الذين أنرنا الشمعة الأولى في العالم , من خلال امرأة فاضلة هي : " فاطمة الفهري " التي ورثت من والديها إمكانات مادية , ومالية ,  وأرادت أن تخلد لأمتها , ولشعبها منبراً من منابر العلم, وفعلاً أسست هذه الجامعة . إضافة إلى ذلك , كانت  امرأة زاهدة . ولكي تحمس الناس العمال فقد كانت تصوم في فترة البناء إلى أن انتهت من بناء هذا الصرح الشامخ, وتحولت إلى أول منبر علمي , وثقافي , وسميت هذه الجامعة بجامعة القرويين , لأنها تدرس كل الناس  بدءاً من الطفل , إلى الشاب , إلى العالم , إلى الاختصاصي , إلى الفقيه , إذاً هذه الجامعة كانت شاملة , و أُسست - كما قلت - في عالمنا العربي ، أما ثاني جامعة في العالم , هي في أوروبا وهي جامعة سانرين في إيطاليا إننا منبهرون اليوم بالثقافة , لكنها جاءت ثانياً إذا ما قارناها بهذا الإنجاز الكبير . هذه الجامعة تأسست في العام  1050 م بينما جامعة القرويين تأسست في رمضان في العام 245هـ أي أنها تسبق الجامعة الإيطالية بحوالي 200 سنة تقريباً بعدها توالى إنشاء الجامعات , في باريس كان في العام 1180م وجامعة أكسفورد في العام 1249م و جامعة كيمبريدج أيضاً في إنجلترا في العام 1284 م . كما أن جامعة القاهرة تأسست في العام 1928م ويقيناً هناك منكم من زار هذه الجامعة . بالطبع هي جامعة حديثة في مصر, سبقتها جامعة الأزهر , وغيرها من الجامعات التي تبنت العلوم الشرعية . لكن هذه الجامعة أسستها السيدة الفاضلة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل وهي إحدى الشخصيات التي استفادت من ورث والديها , علاوة على ذلك باعت حليها و أسست بها جامعة القاهرة ، و آخر شخصية زارت جامعة القاهرة ولعلكم سمعتم عنه إنه باراك أوباما ، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وألقى خطاباً جميلاً وجهه لأمتنا العربية , والإسلامية, لكن لم يظهر من هذا الخطاب شيء حتى هذه اللحظة , لأسباب داخلية تتعلق بمعادلة السلطة القائم في الولايات المتحدة الأمريكية .



 

مستطرداً القول :

جامعة عدن أُسست في العام 1970 م . هذه الجامعة التي ننتمي إليها , ونعتز جميعاً بالانتماء إليها , وبكل ما يتصل بالنشاط العلمي , الثقافي وغيره . كان لهذه الجامعة عند التأسيس , العديد من الأحداث الاستثنائية منذ التكوين , أو التأسيس . وهنا يتبادر لذهن القارئ والمستمع تساؤل مفاده : أتأسست الجامعة في العام 1970 م ألأن هناك نضوجاً في الفكرة أم هناك إحتياج ؟ أم أن نضوج الفكرة التقى مع أحلام الناس في تلك الفترة بتأسيس مؤسسة علمية اسمها جامعة عدن ؟ أم أنها تأسست فجأة أو طفرة من الطفرات التي ربما بعض الزملاء يقولون أنها ربما طفرة من الطفرات ؟ لكن الصحيح , ومن يعود إلى المقدمات التأريخية الموضوعية لفكرة التعليم في عدن , سيجد أن هناك فكرة قد طُرحت منذ العام 1940 م .



هذه الفكرة كانت تتحدث عن سبب تأخر تأسيس كلية التربية العليا بعدن . وهذه الكلية تقدم بالطلب لإنشائها 17 شخصية من أعيان عدن , وطالبوا بفتح كلية عليا للتربية تضم عدداً من الاختصاصات , بها مجموعة من الفروع التي تهيئ لذلك المناخ القائم في تلك الفترة , وتقدموا آنذاك بطلبهم للمستشار السياسي , أو المندوب السامي للملكة " إليزابيث " ، ملكة بريطانيا العظمى , و حينها كان السيد " جون هارثن هوم " هذه الشخصية لها اهتمامات بتأسيس المؤسسات العلمية  في تلك الفترة , فلذلك بنى , وأسس كلية اسمها كلية " جورد لونج " وقد بنيت في مدينة كريتر في الخليج الأمامي , وكانت عبارة عن مدرسة أكاديمية إعدادية , لكنها تفضي إلى التعليم الثانوي بحسبانها مدخلاً لهذه الجامعة المراد تأسيسها . وكان يرد على هؤلاء الأشخاص , ويقول: ها نحن سنفتح قسماً داخلياً للسكن في كريتر , في هذه المدرسة , لأبناء المحميات الشرقية , والغربية , وأيضاً الساكنين الموجودين في عدن وقال : " إننا نبحث عن فكرة تأسيس مدرسة ثانوية عليا في المنطقة الواقعة ما بين الشيخ عثمان و دار سعد " , هذه المنطقة كانت - آنذاك في فترة الحكم الاستعماري -  منطقة محايدة أي لا تتبع بريطانيا ولا تتبع السلطنة العبدلية, فقيل أنهم سيبنون " كلية عدن " مدرسة خاصة للطلاب الذين سيأتون من المحمية الشرقية , والغربية , وأيضاً يقول المندوب السامي آنذاك: "سنهيئ المناخ للطلاب الذين سيأتون من الدول الخليجية " حينها كانت جميعها ترزح تحت الاستعمار البريطاني , وأنه سيكون هناك عبارة عن هلال للتعليم , ويكون موقعه بجانب عدن, أي بين عدن ولحج في المنطقة الفاصلة .



 

  و أكد أنه في العام 1959م تمت المطالبة مرة اخرى بوجود جامعة أهلية في عدن , وكثير من الصحف عند العودة إليها أمثال : (( القلم العدني )) ، و (( النهضة )) ، و (( فتاة الجزيرة )) ، تشير كلها إلى أنه كان هناك حركة ثقافية موجودة تطلب تأسيس جامعة عدن أما أن تكون أهلية,  أو حكومية , فتقدم رجل الأعمال آنذاك الشيخ علي أبو بكر باحميش ، بطلب رسمي في وسائل الإعلام , ويطرح بأنه لابد من تأسيس , وتحقيق حلم يراود العدنيين في عدن.



وأيضاً الذين يأتون من المحميات الشرقية والغربية " اتحاد الجنوب العربي " آنذاك . وكان الاستعمار حريصاً على تحديد هذه النقطة, بشكل واضح , كي يكون الأمر واضحاً للحركة الوطنية والتي فعلاً ناضلت من أجل إلغاء  هذا الأمر من خلال وثائقها . والأستاذ عبد الله إبراهيم صعيدي كان مسؤول التعليم في المجلس التشريعي يطرح بإلحاح ويقول متى يتم تحقيق حلم العدنيين في بناء هذه الجامعة ؟ ولكنه أيضاً انتهى من فترة عمله , ولم يحقق شيئاً  . و جاء بعده  الأستاذ عبد الرحمن جرجرة كان وزير المعارف في حكومة الاتحاد , عمل على تنسيق حق في العام 1964 م مع سلطات الاحتلال البريطاني , وأيضاً مع الوجهاء من الشخصيات في عدن , لاتخاذ  قرار تأريخي بتأسيس جامعة عدن الأهلية آنذاك وخصص له " 30 مليون شلن " لتأسيس الجامعة . وعندما نأخذ بحساب الوقت , والزمان نجد المبلغ ليس بالهين . ومن المقرر أن يستمر المشروع خمس سنوات , أي أنه سيبدأ من العام 1965 م  ثم في العام 1969 م سيتم افتتاح جامعة عدن الأهلية ، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه سفن التعليم وجاءت الثورة , وجاءت الجبهة القومية وتسلمت السلطة آنذاك في 30 نوفمبر 1967 م  .




متسائلاً :

لماذا كان الإلحاح من المثقفين , ورجال الأعمال , والطبقة الوسطى آنذاك ؟ ولماذا كان الإلحاح على تأسيس جامعة في عدن منذ الأربعينات والخمسينات ؟ واستمر هذا الطرح , والجواب ببساطة هو :- بدء ازدياد عدد طلاب المرحلة الثانوية والإعدادية وهذا الازدياد في الأعداد  يفرض على المجتمع استيعاب مخرجاته للجامعة , وكذلك تنامي الاحتياج للكادر المؤهل , لازدياد فرص العمل الإداري في الموانئ , والمطارات , والشركات الخاصة , والتأمين وغير ذلك . أيضاً زيادة البعثات التعليمية التي استمرت منذ الثلاثينات بدأت  لكن في الأربعينات والخمسينات ازداد العدد , وأيضاً جاءت فكرة " تعدين " المناصب بمعنى أنه : لا بد من إحلال المواطنين في عدن بدلاً عن القادمين من الريف والأجانب . 



 

 و أوضح أنه بعد أن جاءت السلطة الوطنية الديمقراطية في عدن 1967 م ومغادرة آخر جندي بريطاني في الثلاثين من نوفمبر العام 1967 م دخلت البلاد مرحلة جديدة . مرحلة النشاط الوطني, وهذا يعني أن هناك خططاً وبرامج , وهناك سياسات . كيف تستوعب هذه؟ لابد من تفكير جدي لتأهيل طاقات شابة , موجودة لدى اليمنيين حينها والتي سميت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية . وفي العام 1970 م أصدر معالي الأستاذ المغفور له بإذن الله عبد الله عبد الرزاق باذيب ، وزير التربية و التعليم ، حينها ، أصدر قراراً تأريخياً بتأسيس كلية التربية العليا " التربية و العلوم و الآداب " وقد كانت جامعة بالمعايير العامة آنذاك بها ثلاث كليات أول كلية على مستوى الجنوب آنذاك . وفي الفترة نفسها تم تأسيس جامعة صنعاء أو بعدها بأسابيع وهو نوع من التباهي مع ما يحدث هنا .. وهناك صدر تأسيس جامعة صنعاء , وهناك أصدر باسم جامعة صنعاء مباشرة . وهنا باسم كلية التربية العليا , أول عميد لهذه الكلية كان الأستاذ عبد الله فارع فاضل ــ يرحمه الله ــ وكان عدد الطلاب المقبولين 103 طلاب , ومن تخرج منهم 43 طالب بكلاريوس و40 طالب دبلوم , أول طالب سجل اسمه في جامعة عدن هو الأستاذ علي سعيد حزام , وقام بدور مهم في التعليم في محافظات لحج و أبين و شبوة ذاتها إلى أن استقر به المقام أستاذاً في كلية التربية صبر . 



 

 مشيراً إلى أنه بعد ذلك توالى تأسيس الكليات و ثاني كلية كانت كلية ناصر للعلوم الزراعية , وهي في لحج وقد جاءت بناءاً على دعم قوي , وسخي من جمهورية مصر العربية , وأيضاً تم تأسيس كلية الاقتصاد والإدارة في العام 1973م بدعم أيضاً من أشقائنا العرب , وأيضاً من الاتحاد السوفيتي , كان يدعم هذه الفكرة ودعمها بالأساتذة والكتب وأيضاً التأهيل للأساتذة الذين ذهبوا إلى هذه البلدان وتأهلوا فيها . 


 

  لافتاً إلى أنه عقب ذلك أُسست كلية التربية العليا في 1974 م في المكلا محافظة حضرموت كانت تتبع جامعة عدن وفي العام 1975 م جاء تأسيس كلية الطب بدعم سخي من جمهورية كوبا الاشتراكية , و ما زال الدعم متواصلاً و لدينا الأستاذ علي أحمد علي يافعي ، عميد الكلية ، ويعرف حجم التواصل في الدعم المستمر منذ العام 1975 م إلى 2010 م وإلى هذه اللحظة وهم يساهمون , ويدعمون كلية الطب , والعلوم الصحية , وكلية طب الأسنان , وكلية الصيدلة مع أن العالم يتغير, ويتبدل , وتحول . لكنهم أي أصدقاءنا الكوبيين ظلوا على نفس المنوال في الدعم , والنشاط الذي يحسب كثيراً لهذه الدولة الصديقة . أيضاً في نفس العام تأسس المعهد الفني العالي أي " كلية الهندسة " وأيضاً بدعم من إخواننا العرب , والهنود وأيضاً بدعم محلي من الدولة نفسها , وحينها قررت أن الضرورة والمسؤولية تقتضي أن يكتمل هذا العمل , وهذا النشاط  بتأسيس جامعة عدن بصيغتها القانونية . 




  و أردف قائلاً :

ما هي رسالة الجامعة ؟ و لماذا تم اختيار العام 1970 م لتأسيس الجامعة بهذه الكليات فيما بعد ؟ أكانت المسألة ترفيهاً أم أن هناك ضرورة موضوعية لاستحداث هذه المؤسسة العلمية المهمة ؟ . . الأمر الأول - هو عبارة عن تماهي و تناغم مع هذا الإرث العلمي للمطالبة بتأسيس الجامعة في الأربعينيات وفي نهاية الخمسينات ، و الأمر الثاني - للدولة الجديدة التي ستبدأ بتأسيس وبناء الخطط الاقتصادية الاجتماعية, ولا يمكن أن تأتي كل الكوادر , والخبرات من الخارج . لابد من وجود كادر وطني يساعد على إحداث هذا الانقلاب التنموي , وأيضاً لو عدنا إلى بداية السبعينات لوجدنا فكرة الخطة التنموية الثلاثية وهذه الخطة عندما بدأت في بداياتها كان الطلاب حينها في مرحلة الدراسة الأولى , لكن مع نهاية الخطة الثلاثية بدأت الأفواج تتخرج , وتحل مشكلة حقة في نقص الكادر المؤهل وغيره . منوهاً بأنه في تأريخ أوروبا وعندما يؤسسون جامعة ويقيناً يعرف ذلك الزملاء الذين درسوا هناك. يأخذون الموافقة من البابا , ولابد من العودة للفاتيكان , للتصديق على تأسيس هذه الكلية أو الجامعة , لأن معظم الكليات التي تدرس العلوم , هي أيضاً تدرس علم اللاهوت , وهذا العلم عبارة عن اختصاص يفيد في إضافة , وتخريج , وتأهيل كم من القساوسة , والقسيسين , ورجال الدين الذين يقومون بخدمة الكنيسة والنشاط ألكنسي. هذه فقط خاطرة مرت , وأنا أتذكر عندما أصدر الرئيس الشهيد سالم ربيع علي " سالمين " قرار تأسيس جامعة عدن في العام 1975 م أجاء بهذا القرار من وحي أفكاره كشخص أم أن هناك مرجعية أخرى سياسية عاد إليها ؟ بعضهم قال : إن الفاتيكان كان المكتب السياسي , وهو الذي يعطي هذه الإشارة الروحية للبدء . فأنا لم أصدق ذلك , ومازلت أسأل من الذي كان يعطي هذه الروحانية في تأسيس الجامعات ؟ .

 

و بيَّن أنه من ضمن رسالة الجامعة - كما قلت - هي جرى حل مشكلة حقة في نقص المؤهلين والمدربين من الكفاءات الوطنية بالريف - على سبيل المثال - الذي غالبية الناس ينتمون إليه , لا يمكن أن تحل مشكلاته على الإطلاق , إلا بتأسيس هذه الجامعة . الريف كان عبارة عن مشكلة حقة هي أن الناس محرومون وأن الناس مظلومون والخدمات لا تصل إليهم , والثورة التي قامت في جنوب الوطن آنذاك قامت من أجل " العمال و الفلاحين " . إذاً من هم هؤلاء العمال والفلاحون ؟ لابد من وجود مؤسسة أكاديمية, وطنية تحل هذا الإشكال وتشبع حاجة هذه المؤسسات التربوية , والصحية , والخدمية وأيضاً الاجتماعية الأخرى , بالإضافة إلى الصناعات الموجودة هنا وهناك على بداياتها, لكن بالضرورة أن يكون من الكادر الوطني .  

 

 و عن الأسماء العلمية اللامعة في حياة جامعة عدن . . قال :  

 عند العودة إلى سجلات الجامعة , كان هناك شخصيات كبيرة , كانت أساس بناء هذه الجامعة . هذه الشخصيات كانت عبارة عن الأساس الذي بنيت عليه مؤسسة الجامعة ، فمثلاً إذا أخذنا الأستاذ عبد الله فارع فاضل وهو أول عميد لكلية التربية ــ عدن العام 1970 م هذه الشخصية من الشخصيات التي يتشرف الوطن بوجودها ــ يرحمه الله ــ كان واحداً من الأعلام المهمة للوطن ، و أيضاً الأستاذ محمد عبد القادر بافقيه " عالم التربية و التأريخ " وعلم من أعلام الوطن  و الأستاذ سعيد عبد الخير النوبان , كان قامة تربوية , علمية , مهمة جداً في الوطن  و الدكتور محمد جعفر زين السقاف , أول رئيس لجامعة عدن وصدر له كتيب الآن عن مذكرات أول رئيس جامعة , وهو شخصية أكاديمية عالمية مرموقة , وعلم من أعلام الوطن , وأبحاثه وكتبه تدرس في الجامعات الألمانية . والدكتور جعفر الظفاري , و علي عيدروس السقاف , و عبدالله الحطاب باحطاب , و سعيد باعنقود , و عبد المجيد عبد الله العراسي , وعبد الحميد سلام العطار , و محمد عبد الله الجفري , و عمر محسن الكثيري , و سلطان ناجي , و محمد غالب العصار , و صالح عوض عرم , و ملكي سعيد باخبيرة , و نفيسة محمد سعيد بن تاية , و عبد الوهاب عبد الباري , و حسين سالم العطاس , و الأستاذ مصطفى راجمنار ,  و الدكتور محمد احمد لكو أول نائب رئيس لجامعة عدن للشؤون الإدارية , والمالية , و تحمل عبء التأسيس هو والدكتور محمد جعفر زين السقاف والأسماء كثيرة حقاً لكن هذا ما يمكن أن نشير إليه .  

 

مؤكداً أنه تحدث مراراً أمام طلاب جامعة عدن من المستويات المختلفة , و قلنا لهم : أنكم تدرسون والحياة الأكاديمية أصبحت جيدة جداً في مضمونها العام وأصبح لديكم مباني , وقاعات, ومدرسون , وكتب , ومختبرات إلى آخره , بالأمس لم تكن هذه الإمكانات موجودة , وكان هناك شحٌ حق في الإمكانات المتاحة , وسنأتي إليها بشكل عابر . الجيل الحالي عليه أن يتذكر أنه وصل إلى هذا المستوى , من خلال صعوده على سلم هؤلاء الذين تحولوا إلى سلم . ونحن كلنا صعدنا عليهم , وهذه مرحلة طويلة لهذا الجامعة , ولهذه المؤسسة ، فالمؤسسة ثابتة , وباقية , والشخصيات التي تأتي مؤقتة وبدون جهدهم ,وبدون عطائهم, لا يمكن أن يتحقق هذا البناء الشامخ الذي نسميه اليوم " جامعة عدن " ، ولذلك أتمنى من أبنائي الطلاب أن يتذكروهم باستمرار ونحن في الذكرى الـ 44 لتأسيس الجامعة أن هذا التمهيد , في هذا الوصول إلى هذا النحو , جاء بفعل معاناة حقة .. السؤال : هل كان هناك إمكانات عندما تأسست الجامعة في وقتها ؟ يعرف الدكتور علي أحمد علي يافعي ، عميد كلية الطب و العلوم الصحية ، أن كلية الطب بدأت بمباني قديمة , وبقايا مدرسة , لأبناء الضباط  ما كان يسمى " اتحاد الجنوب العربي " تحت الحكم الاستعماري البريطاني وجزء من مباني كلية التربية ــ عدن وعندما كانوا يتحدثون عن هذا الموضوع , كانوا يقولون من سخرية القدر أن هذه الجامعة تبدأ من " براقات " .

 

 و أشار إلى أن اليوم خريجو كلية الطب يتباهى بهم زملاؤهم و نحن منهم في الجامعات , والمؤسسات على مستوى العالم الذي يتجهون إليه . عندما يذهب خريج كلية الطب , أو الهندسة, أو بقية الكليات لأية جامعة عربية , أو دولية فإنه يبقى محل ترحاب , وتقدير, وثقة. وهم عبارة عن رسل حقيقيين للمعرفة, لهذه الجامعة , ولهذه المدينة , وللوطن اليمني كله ، لذلك فربط هذه المسائل بالضرورة يجب أن تكون حاضرة , ومتقدة في أذهاننا , وأن لا ننكر جميل أحد على الإطلاق . الموضوع ليس سياسياً أو نوعاُ من تصفية خصومة هنا , أو هناك , أبداً . هؤلاء الزملاء عندما بدأوا العمل , والنشاط , كانوا يعتمدون على ماذا لإنجاح عملهم الكبير ؟  لقد كانوا يعتمدون على حجم الطاقة الكامنة في الذات , في إثبات المجموعة الأكاديمية , وأيضاً رفع سمعة شيء اسمه " جامعة عدن " في ذلك الحين .

 

 و قال : الأمر الثاني –

 كان هناك دافع معنوي , كبير , وعظيم لدى المثقفين ,والأعيان في عدن آنذاك سيخلد الإنسان نفسه الذي يتحقق من خلال عمله العلمي , الثقافي, المكتوب , وغير المكتوب . الناس يتذكرون أسماء الأساتذة , وأسماء الطلاب الذين مروا في هذه الجامعة , أو تلك - منذ مئات السنين - وكلنا الآن نتذكر أسماء مثل : " فاطمة الفهري " , و " فاطمة الحريري  " ، تلك الأسماء العظيمة في تأريخنا العربي بما خلدوه من عمل علمي , كبير . كم من الناس كانوا عظماء مثل هذه المرأة في ذلك الزمان ؟  أكانوا مئات أم ألآفاً ربما مئات الآلاف لكن لم يخلد أحد منهم , إلا الأساتذة الذين عملوا معها, وأسماؤهم موجودة في سجل خالد بجامعة فاس بالمغرب . فلذلك هم الزاد , والوقود السحري لتعاقب الأجيال , وتواصلها ، أيضاً كان الهدف هو فكرة خدمة الأجيال , لأنها مهمة أن تكون حاضرة في الذهن , إذا الفرد فقط يريد أن يحل مشكلة ويمر , فهذا أمر سهل , لكن أن يضع في ذهنه الرعيل الأول ممن أسس جامعة عدن فكان يضع في خدمة هذه الأجيال المتعاقبة ، و اليوم هذه الأجيال لم تعد بالعشرات , ولا بالمئات , بل بالآلاف , لأنه إذا كان عدد الطلاب بالأمس عند التأسيس 104 طلاب , فاليوم لدينا أكثر من 35 ألف طالب وطالبة . هذا الانتقال الضخم من هذا العدد المحدود إلى عدد واسع يولد نوعاً من النشاط التربوي , والأكاديمي العظيم في جامعة عدن

 

  و تساءل هل كانت الشروط كلها مهيأة ؟ . .

مجيباً : كما قلنا أولاً إذا أخذنا المصادر المادية , والبشرية فسنجد أن أعضاء هيئة التدريس كان 80% منهم معيدين والـ 20%  الباقون أساتذة مشاركين وهم من الدول الشقيقة, والصديقة . ذكرت مساعدة , وعون منظمة اليونسكو " لليمن الديمقراطي سابقاً " آنذاك و مساعدة الاتحاد السوفيتي , ومساعدة كوبا الاشتراكية, ومساعدة جمهورية مصر العربية , ومساعدة جامعة الكويت الشقيقة, والعديد من الدول , والمنظمات التي كانت تتضامن مع قضية التعليم في عدن آنذاك, كما أن عدد الفنيين والموظفين كان محدوداً جداً ، و المصادر المادية المتوافرة أيضاً آنذاك , كانت شحيحة , فكانت المكتبة شحيحة بالكتب, وكانت تجربة أعضاء هيئة التدريس بالتأليف , وإعداد المصادر مبتدأة ومحدودة . فلذلك استمر هذا الحال إلى العام 1982 م حيث كان هناك زيارة مشهورة للرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات ، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الذي زار عدن, ومجلس جامعة عدن بمعية الشهيد المناضل علي أحمد ناصر عنتر ، وكان حينها نائب رئيس الجمهورية , وكان رئيس الجامعة حينها ــ يرحمه الله ــ أ. د سالم عمر بكير ، في هذا الاجتماع تبرع الرئيس ياسر عرفات بمطبعة لجامعة عدن , وفي العام نفسه 1982 م وقع غزو عدواني إسرائيلي شامل على لبنان , وجرت تسوية إقليمية , ودولية لخروج منظمة التحرير من لبنان , و التوزع على الجمهورية التونسية , و اليمن الجنوبي ، و اليمن الشمالي ، ومنظمة التحرير الفلسطينية أثناء خروجهم من لبنان , أخذوا ما خف وزنه وغلا ثمنه , وأخذوا معهم المطبعة الخاصة بهم التي كانت تطبع صحيفة (( الثورة )) الفلسطينية آنذاك . ونحن عندما تسلمنا المطبعة في  العام 1983 م لم يستفد منها كثيراً, إلا بعد العام 1989م أي بعد خمس , أو ست سنوات , حينها كان الأستاذ الصديق سالمين صالح بن مخاشن ، مدير المطبعة والإعلام ، آنذاك ، في هذه الفترة تمكن في العام 1989 م من طباعة أربعة كتب فقط وهي عن ندوة اليمن في التواصل الحضاري, وندوة المقاومة الشعبية في حضرموت , ومجلة سبأ وغيرها من المجلات ، و مطبعة جامعة عدن بدأت تطبع أول كتاب مرجعي في العام 1991 م . في هذا العام الأستاذ الدكتور محمد سعيد خنبش وكان أستاذاً في كلية الزراعة , طبع أول كتاب مرجعي وهو عن " العسل و النحالين اليمنيين " .

 

  و حول الحرية الأكاديمية . . يقول : هل كانت الحرية الأكاديمية  في تلك الفترة متاحة ؟ قياساً بذلك الزمان وليست بمحاكاة  لغة اليوم , كانت الفكرة السائدة شمولية بالمطلق ,أي أنه كان هناك سيادة فكر يساري , اشتراكي  قائم . إذاً هذا الفكر يعكس نفسه على توجه عام للكتاب الجامعي، وأتذكر حينها أنها شكلت لجنة برئاسة الدكتور نمير العاني , وهو أستاذ شيوعي من العراق الشقيق هذا مفكر, وطلب منه أن تُنقى مكتبة كلية التربية ــ عدن وكانت مكتبة دسمة , كانوا يأتون لنا بكتب من " اليونيسكو " , ومن الجامعة العربية , ومن جامعة الكويت . وعندما كلف هذا الشخص , وهو من وحي قناعاته الخاصة, استبعد كثيراً من أمهات الكتب الأساسية الموجودة في اللغة العربية , والشريعة , لأن الشريعة لم تكن موجودة , لأنه فكر يساري , شمولي , و نحن كنا جزءاً منه , وكان الأمر واضحاً أن أي منهج آخر دخيل , لا بد من تصفيته , وفعلاً خسرت مكتبة كلية التربية كتباً ثمينة جداً .

 

  و تحدث عن الأمر في جامعة عدن من واقع لغة الأرقام . . بقوله : نحن دولة فقيرة , هذا أمر معترف به , وكنا نأتي ضمن الدول الأقل نمواً , والأكثر فقراً في العالم " شماله وجنوبه وغربه وشرقه " ، إذ أخذنا بعض الأرقام عينات , و أخذنا الموازنة للعام 1990 م و الموازنة للعام 2010 م .

 

    مستدركاً :

 أريد أن أذكر أن هناك تحولاً حقاً كبيراً قد حدث في مداخيل , وراوتب أعضاء هيئة التدريس , كان راتب الأستاذ المساعد , وما في مستواه المساعد , والمشارك , فمرتب الأستاذ المساعد كان 377 دولاراً في العام 1990 م و اليوم  راتبه 850 دولاراً لكن يضاف إلى ذلك بعض الامتيازات المرئية , وغير المرئية ، الامتياز الأول - أنه يشترك في جمعية سكنية , هذه الجمعية السكنية أعطت كل عضو هيئة تدريس , وتدريس مساعدة قطعة أرض , هذه قطعة الأرض يستطيع براتبه هذا أن يأخذ قرضاً ويبدأ ويؤسس له شيء في هذه الأرض ، و الامتياز الثاني - يستطيع أن يدرس , ويقدم محاضرات في جامعات , ومعاهد خاصة , وفي كليات , ومعاهد حكومية , هذا الشيء لم يكن موجوداً - آنذاك - الآن عندي وأنا أسميه " التمرد الناعم " كثير من زملائنا لا يرضون أن يسجلوا أين يعملون ، و أيضاً هناك فرصة - اليوم - للعمل كمستشارين , ومحامين إلى آخره . في الماضي لم يكن هذا الأمر موجوداً . في مجال الطب كانت العيادات ممنوعة أما اليوم انفتحت آفاق  أوسع لأعضاء هيئة التدريس , والتي ينبغي لها أن تنعكس إيجاباً على الطلاب , أي يكون مستوى أدائهم أفضل , ومستوى تعاملهم أفضل , وأيضاً مستوى الرقة والتعامل مع الطلاب ,أرقى لأنه أشبع جزءاً كبيراً من احتياجاته النفسية , والمعنوية ,والمادية .

 

  و بشأن المباني الجديدة لكليات جامعة عدن قال :

 نحن في مبنى جديد في كلية الاقتصاد , و مبنى جديد آخر لكلية الهندسة , و في جهة أخرى كلية العلوم الإدارية, مبنى جديد , و أيضاً سكن طلابي ، بالمناسبة جامعة عدن ليست في عدن وحدها , كم هي المباني التي بنيت في طور الباحة ؟ و في صَبِر , و في لودر , و في يافع , و في زنجبار , و في الضالع , و في شبوة ,  و في ردفان , أي أن جامعة عدن موجودة وموزعة على خريطة الوطن – هذا-  فلذلك ما صرف عليها 11 مليار و354 مليون ريال , ولم يبدأ الاستثمار الحق والفعلي إلا عندما تهيأت له الظروف , والشروط في العام 1995 م  .وتتذكرون معي , وتعرفون عندما مُنِحَت جامعة عدن 400 هكتاراً من أرض الدولة , وتعويض المتضرر من المواطنين, أو المستثمر, أو الملاك , أو حتى الباسطين .

 

  و تابع يقول :

إنه في مناسبة كهذه , عندما نتذكر , ونذكر فقط من أجل أن نستلهم الدروس من الحاضر, والمستقبل من ماضينا كله, ونتذكر أيضاً سيل الأساتذة الأفاضل الذين توفاهم الله, وغادروا هذه الدنيا الفانية , وأسسوا المداميك الأولى لهذا الصرح الأكاديمي, الكبير ,الشامخ . فهذه الجامعة هي وسام على صدر الوطن , وبأساتذتها , وأبحاثهم, وبمواقفها هي فعلاً رصيد إضافي للوطن كله , لليمن من شماله إلى جنوبه , من شرقه إلى غربه , يوجد في جامعة عدن أساتذة , وطلاب , وموظفون من كل قرية من قرى اليمن تقريباً , لأن الجامعة وطنية وليست مكاناً , ولا محطة للضغينة , ولا أيضاً لتصفية الحسابات , ولا أيضاً مساحة لفرض الحواجز النفسية ما بين هذه القبيلة أو تلك, أو هذه المحافظة أو تلك, أو هذه المنطقة أو تلك .

 

  و استشهد بالقول :

 " إن العلم صلة رحم بين أهله " ، هذا العلم هو الذي يجمعنا , والذي نتشارك فيه , ويمهد لنا سبل بناء لحمة وطنية حقة بعيداً عن التطبيل , و التزمير , أو زرع بذور الفتن , والأحقاد . . إذاً الأجيال ينبغي لها أن تتسلَّح بمبدأ الحرية , أي " مبدأ التسامح , و العمل الحق في التآخي بين أبناء الوطن " . أحياناً وكما يقال في الأثر : " رب أخٍ لك لم تلده أمك " ، يمكن أن يكون الطالب الذي في كلية الحقوق لديه صديق , وأخ أفضل بكثير من فرد من منطقته , يأتي من منطقة , أو محافظة بعيدة . أنتم هنا لتلقي العلم, وليس غيره , ومن أجل  مستقبل تريدون أن تصلوا إليه بأدوات , وآليات , وأيضاً أسلحة الشهادة , والعلم , والأخلاق , وهذا أمر مفروغ منه وأظن أن كل واحد منكم , جاء من قريته وهو يعلم أنه يحتاج لهذه الجرعة من العلم , والمعارف , لكي يصل بها إلى المجتمع , و لكي يتواصل بها مع أهله , و ناسه , و أمته .

 

نقلا عن صحيفة (الحقيقة) الأسبوعية