آخر تحديث :Wed-24 Apr 2024-09:58PM
جامعة عدن

ارشيف الاخبار

مشروع إعادة تأهيل وتفعيل كلية الآداب بجامعة عدن.

2017-09-14

موقع جامعة عدن الإلكتروني

 


مرت سنوات كثيرة منذ فك إرتباط  كلية الآداب في جامعة عدن عن كلية التربية العليا  - نواة الجامعة الأولى في مطلع سبعينيات القرن الماضي -  ٢٢ عام  من ميلاد آداب مستقلة عام ١٩٩٥ لا ريب وإنها مدة كافية للتوقف عندها  بالبحث والدرس، والنقد، والتقييم للتعرف على كيف سارت الأمور وكيف يمكننا الحكم على هذه التجربة الفتية في مضمار مؤسستنا الأكاديمية العريقة سلبا وايجابا؟


 إذ مازالت تواجهنا الأسئلة الحيوية  ذاتها فيما يتصل بهوية الآداب العلمية، والصفة الأكاديمية التي سوف يحملها طلابها وطالباتها، وهل هذه الصفة تأتي منسجمة مع الوظيفة المفترضة منها والهدف المقصود من تـأسيسها؟

  أي هل خريج الآداب هو كذلك اسم  ومعنى؟!


وهذا بدوره يحيلنا إلى السؤال  بشقه العملي، ما هي طبيعة المهنة التي سوف يشغلها خريج الآداب في مجتمعنا الراهن؟!


وهذا ما يحتاج إلى وقفة تقييمة جدية من قبل القائمين على إدارة الجامعة والكلية، فماذا نريد من كلية الآداب؟! ومن هو طالب الآداب؟


 

علينا جميعاً البحث في هذا السؤال،حتى لا نكتشف نهاية كل عام جامعي  أننا لا نقوم إلا برفد المجتمع بدفعات إضافية من العاطلين عن العمل والذين لا يعرفون إلى أين سيتقدمون بطلباتهم للحصول على مهن تنسجم وطبيعة مؤهلهم الجامعي، وإذا كان من المعروف أن وظيفة كلية الآداب هي تزويد المجتمع بنخبة متميزة من الباحثين المتمكنين والكفاءات العلمية المثقفة، والمستنيرة، والمتخصصة في العلوم الإنسانية والأجتماعية واللغات والأداب إذ باتت كلية آداب عدن تشتمل على خمسة عشر قسما علميا هي: الفلسفة،الجغرافيا،التاريخ، علم الاجتماع، قسم الإعلام والاتصال،علم النفس،الخدمة الاجتماعية، الآثار،اللغة العربية وآدابها،اللغة الفرنسية وآدابها،اللغة الألمانية وآدابها، اللغة الأنجليزية وآدابها،قسم الفنون الجميلة،قسم المكتبات، قسم الدراسات الإسلامية.

 

وهذا يعد نقلة نوعية متقدمة بالقياس إلى عمر الآداب القصير،وكما هو معلوم التجربة التاريخية لسيرورة المؤسسة الأكاديمية الحديثة إن كلية الآداب تعد أهم وأبرز الكليات الجامعية وأكثرها حيوية؛ بوصفها مؤسسة أكاديمية نوعية ومختصة في إنتاج العلماء والاُدباء والشعراء والروائيين والنقاد وفقهاء اللغة والمفكرين والكتاب والمورخين والإعلاميين والفنانين والفلاسفة  والسياسيين والدبلوماسيين وخبراء التنمية المكانية والسكانية وفقهاء الدين المستنيرين وأطباء المجتمع، من كوادر الخدمة الإجتماعية وعلماء النفس والتحليل النفسي وغيرهم من الكوادر والكادرات الأكاديمية عالية التأهيل.

 

 إذ من رحاب الآداب تخرج معظم الحائزين على جائزة نوبل في العلوم الإنسانية والأدبية الروائي العالمي "نجيب محفوظ" والمفكر "إدوارد سعيد" و"مالك ابن نبي" ومن الأدباء أزدهر المفكرون أمثال: أبوبكر السقاف،  وأحمد نسيم برقاوي، ومدني صالح، وجواد علي، وعلي البدوي، وقسطنطين زريق، وعبدالرحمن بدوي، وجابر عصفور، ومحمد عابد الجابري، وعلي أحمد باكثير، وعلي البدوي، وعبدالله الغذامي، وسعد البازعي.

 

 ومنها لا من غيرها جاء حافظ إبراهيم،  والجواهري، والسياب، والبياتي، ومي زيادة، ونازك الملائكة، أحلام مستغانمي، ومحمود درويش، وعبدالعزيز المقالح وغيرهم...

 

 من كبار الفانيين في مختلف الفنون الجميلة ومن نجوم الفكر والأدب والثقافة العربية الحديثة والمعاصرة.

 ولم يأتي هذا النتاج الإبداعي الخصيب بمحض الصدفة أو بسحر المعجزات؛ بل كان ثمرة متحصلة لنمو جملة من الظروف والشروط اللوجستكية والمهنية المؤسسية  الأكاديمية؛ المادية والبشرية الواقعية، والرمزية النظرية، والمنهجية؛ التي يفترض أن ينمو فيها ويعيشها طلاب وطالبات الآداب منذ أول يوم لدخولهم أروقتها. فكيف هو حال مخرجات آداب عدن بعد ٢٢ عاما من التأسيس؟

 

من الواضح إننا لازلنا نتعامل مع كلية الآداب بطريقة تقليدية جداً، ويعدها البعض ترفاً زائداً عن اللزوم، في حين أن تجارب الجامعات الأخرى في العالم تحدثنا بعكس ذلك تماماً؛إذ يتم النظر إلى كلية الآداب باعتبارها كلية حيوية واستراتيجية وعلى مستوى عال من الأهمية ومن ثم؛ فإن أبوابها ليست مشرعة لكل من هب ودب  للالتحاق بها، بل يتم الاختيار بمنهجية دقيقة، وشروط قبول إضافية ومتميزة، حيث يتم التشديد على المواهب والقدرات والاهتمامات والخبرات الفردية للطلاب والطالبات الراغبين في دراسة الأداب بأقسامها المختلفة ويتم فحص مستوياتهم الفكرية، والثقافية وملكاتهم الإبداعية، وهواياتهم الذاتية  فإذا كان يستطيع أي طالب أو طالبة الالتحاق بأي كلية من الكليات العلمية ويتخرج منها بنجاح فليس بمقدور أي طالب أو طالبة يود دراسة الآداب أن يتعلم ويتخرج بنجاح؛ دون أن توجد في داخله الرغبة والأهتمام والموهبة وسعة الخيال والقدرة على الفهم والحوار ولهذا يقال: أن قسم الإعلام في الآداب لا يصنع الصحفيين والكتاب بطريقة آلية بل يقوم بتنمية المواهب المجبولة في ذواتهم الفردية، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية التخصصات، فطالب الفلسفة أو الاجتماع الذي لا توجد لديه ملكة  التفكير النقدي الذاتي والفهم والقدرة على التأمل الواسع، لا يمكن له أن يستفيد كثيراً من دراسته ولن يفيد أهله ومجتمعه .

 

 وهكذا يمكن القول إن الدوافع الذاتية والسمات الشخصية والرغبة والموهبة والاهتمام هي الجديرة بالنظر قبل أي شيء آخر بالنسبة لمن يود الالتحاق بكلية الآداب , بحيث يمكننا القول لو أن كلية الآداب استطاعت تخريج عشرة طلاب آداب كل عام بمعنى الكلمة ,-أي مبدعين حقيقيين في تخصصاتهم أعتقد أنها ستقوم بعمل وطني وعلمي كبير للمستقبل، فما الذي يفيد تخريج مئات الطلبة والطالبات من الآداب إذ كانوا لا يجيدون التعبير عن أنفسهم وليس لديهم صفة مميزة عن سائر أفراد المجتمع غير شهادة التخرج.

 

وعلى فكرة تعد كليات الأداب في جامعات النخبة العالمية عالية الجودة الأكاديمية كليات أرستقراطية لا يدخلها الإ صفوة الشباب والشابات المبدعين بإصرار ورغبة ومنافسة شريفة على نيل فرص الدراسة الأكاديمية التخصصية في المساقات التي تستهويهم وحينما يكون حب التخصص هو حافز الطالب للدراسة يكون النجاح الإبداعي الخلاق هو الثمرة اليانعة الجديرة بالقيمة والاعتبار.

 

 لهذا نعتقد أن الخطوة الأولى في استنهاض روح الأداب وطاقاتها الإبداعية  تتمثل بتفعيل متطلب كتابة الأبحاث والدراسات والسينمارات منذ المستوى الأول، ومنح الطلاب والطالبات الفرصة الكاملة لاختيار الموضوعات التي يكتبون فيها وتقديمها على شكل سينمارات نقاش منظمة بإشراف معلمي المساقات، وتلك الطريقة هي التي سبق وأن جربتها مع طلابي وطالباتي منذ المحاضرة الأول؛ إذ تعمدت أن أطلب من كل طالب وطالبة في القاعة كتابة سيرته التعليمية والكتب التي قرأها ومواهبه واهتماماته الثقافية وماذا تعني له الآدب؟!

 

 إن تعلم مهارة الكتابة والقراءة النقدية والبحث المنهجي هو الأفق الكفيل بإعادة تفعيل وتنمية واستنهاض روح كلية الآداب وطلابها، وبدون تعليم الطلاب الكتابة والقراءة  والنقاش والحوار والبحث والتنقيب في إيجاد مقاربات وحلول للمشكلات الخاصة بكل تخصص علمي لا ينبغي لنا الأمل بالحصول على ثمار موعودة في المستقبل المنظور.  إذ أن المثل الأعلى لكلية الآداب لا يتمثل في منح الطلاب والطالبات المعرفة الجديدة بقدر ما يتمثل في منحهم القدرة على فهم ونقد واستخدام المعرفة التي اكتسبوها في سنوات حياتهم العشرين الأولى واستنهاض وتنمية قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية الواعدة وبذلك تكون وظيفة الآداب الجوهرية هي العمل على تحويل معرفة الاولاد، والبنات إلى قدرة الرجال، والنساء المعول عليها في بناء وتنمية وتنوير المجتمع وحل مشكلاته. 

 

 لقد آن الآوان أن ندرك أن كلية الآداب هي رهان استراتيجي في عصر المعرفة والصراع الثقافي والأيديولوجي المحتدم اليوم  في عصر العولمة والثورة الرقمية؛ لكن هذه الحاجة الملحة ينبغي أن نعرف كيف نجيد تلبيتها وتوظيفها بشكل منهجي إيجابي فاعل ومثمر، وهنا أرى إن إعادة التفكير الجاد في آلية العمل بالكلية وتقييم تجربتها المنصرمة تقييما نقديا أمينا بما يخدم الأهداف السامية التي أنشئت من أجلها.

 بات الآن وهنا يشكّل  التحدي الأبرز الذي يواجهنا جميعا، وإذا كنا نشكو اليوم من إجتياح القيم السلبية الأفكار المتطرفة  فعلينا أن نعمل على تحويل كلية الآداب إلى مصدر إبداع وإشعاع معرفي وتنموي وتنويري دائم العطاء والإنجاز ، وهذا لا يتم إلا بتعاون الجميع  في الجامعة وفِي مقدمتهم رئيس الجامعة الأستاذ العزيز الدكتور الخضر ناصر لصور ونوابه وعمادة كلية الآداب ورؤساء الأقسام وهيئتها التدريسية، والتدريسية المساعدة والطلاب، والطالبات وبذل جهود إضافية مخلصة.

 

 ونقترح تنظيم ندوة علمية في اقرب فرصة ممكنة لتقييم تجربة كلية الآداب وتأهيلها وتنميتها وأفاق تطويرها.

 

وهذا هو المشروع الذي يجري على قدم وساق منذ أشهر، مشروع إعادة تأهيل وتفعيل كلية الآداب في بنيتها الكلية التحتية والأكاديمية والإدارية والفنية بإشراف ورعاية مباشرة من الاستاذ العزيز رئيس الجامعة بالتنسيق مع الأستاذ العزيز النشيط عميد الكلية الدكتور علوي عمر مبلغ ونوابه ومجلس الكلية الذي انعقد اجتماعه الدوري صباح اليوم الأربعاء في مكتب النائب الأكاديمي لمناقشة الجاهزية الأكاديمية لاستقبال العام الجامعي الجديد واقرار المقترح الذي تم إعداده منذ أشهر من قبل العميد وأنا نائبه الأكاديمي  بعنوان : (مقترح إعادة تأهيل وتفعيل كلية الآداب في جامعة عدن)  الذي تم رفع مسودته الى رئيس رئاسة الجامعة منذ ثلاثة أسابيع والذي أثمر استجابة إيجابية سريعة من قبل رئيس الجامعة الاستاذ الدكتور الخضر ناصر لصور الذي تكرم اليوم بزيارة الكلية يرافقه الزميل العزيز الدكتور رشاد شائع وكيل محافظة عدن والأستاذ والدكتور ابوبكر محمد عمر بارحيم رئيس مجلس الأمناء في الجامعة ومدير ومنسق المشاريع الذي حمل لنا اليوم مشكورا بشارة اختيار كلية الآداب بوصفها أول كلية تستحق إعادة الترميم والتأهيل في بنيتها التحتية، بدعم وتنفيذ الصندوق الاجتماعي التنمية ورئيسه المهندس غازي أحمد علي في عدن.

 

وإليكم صور من فعاليات الآداب المباركة اليوم.  ⁠⁠